رغم أن الأنباء الدائرة بشكل غير رسمي بأن مشروع “المترو” في الدار البيضاء ما زال منحصرا في دائرة التفكير، فإن عودة النقاش بخصوص هذا “الحلم المُكلف” فتحت أفق المهنيين في قطاع “النقل والتنقل” والحقوقيين المدافعين عن “الحق في التنقل” لفسح الطريق أمام تأهيل هذا المشروع، تخفيفا على سكان الدار البيضاء من “ضعف الوسائل”، خصوصا بعد “محدودية” الترامواي والباصواي.
ومنذ سنوات عديدة، كان مشروع “المترو” يطفو إلى السطح ثم يخفت نتيجة “كلفته المالية العالية وأيضا نتيجة الصعوبات التقنية على مستوى طبيعة بنية الدار البيضاء”؛ لكن البيضاويين ومن يشتغلون بالعاصمة الاقتصادية للمملكة يثمنون “كل تفكير يصب في اتجاه تعزيز بنية النقل به، في مدينة تعرف ضغطا كبيرا على وسائل النقل بحكم الاختناقات اليومية، ناهيك عن الكلفة العالية لاستعمال السيارة الخاصة بالنسبة لشرائح عريضة من المواطنين”.
“مشروع مهم”
مصطفى شعون، الأمين العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، قال إن “الاختناقات المرورية التي صارت تعرفها الدار البيضاء ومحدودية “الترامواي” و”الباصواي” في ضمان تنقل سلس للمواطنين صار بالفعل يقتضي إطلاق دراسة لتعزيز عملية النقل والتنقل بالعاصمة الاقتصادية بالمترو”، مشيرا إلى “حضور الإرادة لدى والي الدار البيضاء في إصلاح قطاع النقل”.
وأشار شعون، في حديث إلى هسبريس، إلى أن “الاختصاص المباشر في إطلاق الدراسة والسعي نحو تأهيل هذا المشروع في يد مجلس جهة الدار البيضاء سطات”، معتبرا أن “إطلاق حملة لاستقاء آراء البيضاويين سيبين للمسؤولين أن الانتظار موجود وبقوة لأجل رؤية المترو يخفف حركية السير بالدار البيضاء، خصوصا أن تنظيم كأس العالم اقترب وسيكون المشروع مغريا للتنزيل”.
وأكد المهني ذاته إلى “الصعوبة العملية التي يطرحها هذا التفكير في المترو من الناحية العملية، خصوصا أن تحت الدار البيضاء توجد مناطق فيها مياه، إلخ”، مبرزا أن “تشييده في الجنبات ممكن، أو فوق قنطرة مثل ما هو معمول به في بعض الدول”.
وأضاف المتحدث سالف الذكر: “الإسراع في التفكير يحتاج إلى إحداث سلطة عمومية مكلفة بالنقل والتنقل، على غرار “السلطة المينائية”؛ حتى نضمن التقائية وعرضانية الجهود المتعلقة بالقطاع”.
وقال الأمين العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط إن المؤكد هو اقتراب إنشاء شبكة القطار الجهوي السريع (RER)؛ لكن “رغم عدم وجود تصور واضح حول مشروع المترو حاليا، فإنه يحتاج إلى رؤية سياسية على مستوى تدبير التنقل الحضري لتكون الدار البيضاء ضامنة لعرض متنوع وغني من النقل يفك هذا الضغط والاحتقان الذي يحدث في الطرقات كل يوم تقريبا ويزداد في المناسبات”.
“حق أساسي”
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن “عودة النقاش حول المترو المعلق أو بالمونوريل داخل مدينة الدار البيضاء استحضر هاجسا كبيرا كان حاضرا بقوة لدى المواطنين والمنتخبين، نظرا لأهميته في تخفيف الاختناق المروري الذي تعرفه العاصمة الاقتصادية، خاصة مع اتساع النطاق الحضري خلال العقود الأربعة الأخيرة، وكان العائق الكبير يتمثل في التكلفة الباهظة لهذا المشروع”.
وأشار الخضري إلى الأنباء المتداولة بخصوص إخراج المشروع إلى حيز الوجود، مبرزا أنه “حتى لو كان الأمر جسا للنبض، فهو مطلوب؛ لأنه من الناحية السوسيواقتصادية يشكل ميترو معلق بالدار البيضاء حلا هائلا بالنسبة للمواطنين المجبرين على التنقل لمسافات للوصول إلى أماكن عملهم”، مسجلا أنه “سيخفف عنهم متاعب جمة، في ظل المعاناة التي يكابدونها بسبب الازدحام في الطرقات وتأخر بعض وسائل التنقل”.
وأضاف المتحدث لهسبريس أن “هذه الوسيلة تعد وسيلة نقل سريعة وصديقة للبيئة؛ لأنها تشتغل بالطاقة الكهربائية. كما أن لها دورا حيويا في تلافي الاختناقات المرورية التي تعرفها الشوارع والأزقة، وتشتغل وفق نظام زمني دقيق ومنظم، أسرع بكثير من باقي وسائل النقل الجماعية الأخرى”، مؤكدا أنه “يشجع المواطنين على استخدام وسائل النقل العام بدلا من السيارات الخاصة، وبالتالي تقليل الازدحام”.
وبما أن الحق في التنقل يعتبر حقا من حقوق الإنسان، فقد ختم الحقوقي قائلا: “إنشاء ميترو بالدار البيضاء قرار ضروري وإن كان متأخرا؛ فالحاجة إليه أصبحت ملحة، خصوصا أن المغرب مقبل على احتضان كأس العالم، وما يمثله الاختناق المروري من تحدّ أثناء هذا الحدث العالمي”. وزاد: “لذلك، هذه وسيلة نقل سلسة للانتقال بين الملاعب والفنادق داخل مدينة الدار البيضاء، وسيكون له أثر إيجابي بخصوص نجاعة البنيات التحتية المغربية”.
المصدر: وكالات