عاد ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، لينكبّ على إعداد ما تبقى من إحاطته المقبلة أمام مجلس الأمن، بعد جولة إقليمية غير كاملة، شملت فقط موريتانيا والمغرب، دون الإفراج عن زيارة إلى الجزائر ومخيمات تندوف.
وكان لافتا المتغيرات التي حملتها الجولة الأخيرة، بعد حديث طويل عن “طبيعة العلاقات التي ستجمع دي ميستورا بالرباط بعد زيارته لجنوب إفريقيا”، ليتبين خلال لقائه مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، “استمرار الثقة المغربية في المسؤول الأممي، وفق شروط المملكة من الملف”.
وفي ظل سعيه إلى إعادة المفاوضات بين الأطراف الأربعة، بقي إعلانه عن زيارتين فقط إلى موريتانيا والمغرب ضمن جولة إقليمية محط تساؤلات عن خطط وجهود دي ميستورا المقبلة لحل هاته الإشكالية وإقناع الجزائر، قبل تقرير مجلس الأمن في أكتوبر المقبل.
وكان تشديد المغرب، خلال لقاء بوريطة مع دي ميستورا، واضحا فيما يخص شق عودة الجزائر (الطرف الرئيسي) إلى طاولة المفاوضات، مع التأكيد على الحكم الذاتي وضرورة احترام وقف إطلاق النار من قبل جبهة البوليساريو؛ وهو ما يبدو أن “الرباط قد وضعت دي ميستورا أمام الأمر الواقع في مهمة مستحيلة جعلته يبقي جولته غير كاملة”.
الطريق المسدود
قال موساوي العجلاوي، الخبير في قضية الصحراء والشأن الإفريقي، إن “دي ميستورا وصل إلى الباب المسدود بعد جولته الأخيرة، وحاليا إحاطته المقبلة لن تقدم الجديد”.
وأضاف العجلاوي، في تصريح لهسبريس، أن دي ميستورا بتحركاته يلعب دائما على “حبل الاستفزاز، انطلاقا من تجربته في سوريا والعراق، وأفغانستان”، مردفا: ” بكل صراحة، لا أدري ماذا يفعل هذا الرجل في ملف الصحراء”.
واعتبر الخبير في قضية الصحراء أن دي ميستورا يحاول تقديم مقاربة جديدة،”دون الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الحاصلة في المنطقة، والتي تتزامن وقرارات مجلس الأمن الواضحة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “جولة دي ميستورا غير الكاملة مؤخرا تظهر بأنه قد وصل فعلا إلى الطريق المسدود، ولم يستطع إعادة الجزائر والبوليساريو إلى ما تم التنصيص عليه في قرارات مجلس الأمن، مقابل التزام مغربي متواصل”.
“لقاء بوريطية بدي ميستورا يظهر استمرار التنسيق المغربي مع المسؤول الأممي بعد جدل جنوب إفريقيا، ويؤكد في الوقت نفسه أن الرباط غير مستعدة للدخول في مقاربات جديدة تخرج عن القواعد والنقاط الثلاث”، تابع العجلاوي، الذي استدرك بأن “ما يجب أن نتذكره جميعا في هذا الصدد هو أن موازين القوى قد تغيرت في المنطقة لصالح الرباط”.
وخلص الخبير في قضية الصحراء إلى أن “لا جديد ينتظر من دي ميستورا في إحاطته المقبلة، يتوقع أنه سيذكر ما حدث في شرق الجدار الرملي، ورفض البوليساريو لقاء برئيس بعثة المينورسو، وغيرها من الأمور التي لن تكون جديدة”.
إجابة الرباط
انفتاح شهية دي ميستورا في البحث عن مقاربة جديدة هو ما سجله عبد الفتاح الفاتيحي، خبير في قضية الصحراء، الذي قال : “كان يبحث عن تسوية سياسية من خارج توصيات مجلس الأمن”.
وأورد الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، أن العودة إلى بيان الخارجية المغربية كان فيه تذكير بالقواعد الثلاث التي تنسجم ومضمون قرار مجلس الأمن الأخير، وهي “جواب عن هاته المقاربة التي يطمح إليها المسؤول الأممي”.
ومستقبل جهود دي ميستورا، حسب المتحدث ذاته، تقف على “عقبات الشروط المغربية الصارمة، التي تبقي التوصيات الأممية في منحاها وتنهي أية مبادرة جديدة خارج القواعد المعروفة لصاحب الأرض”.
واستطرد الخبير في قضية الصحراء بأن “مواقف الجهة الانفصالية جامدة أمام الموقف المغربي المتناسب مع قرار مجلس الأمن، وبين كلتا الضفتين تأكد لدي ميستورا أن مسار خططه حول أي تغيير يزعزع المسار الأممي”.
المصدر: وكالات