تتواصل تحركات المنظمات والهيئات المدنية التي تسعى إلى تضييق الخناق على المسؤولين العموميين الذين تحوم حولهم شبهة تبديد واختلاس المال العام، من خلال رفع دعاوى ضدهم إلى السلطات القضائية المختصة أو الانتصاب طرفا مدنيا في محاكمتهم.
أمس الثلاثاء، احتضن مقر محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء لقاء بين الوكيل العام للملك وممثلين عن المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحماية المال العام، في إطار اللقاءات التي تعقدها هذه الأخيرة مع جهاز النيابة العامة، تمحور حول مناقشة وتدارس مجموعة من الملفات المرتبطة بتبديد الأموال العمومية واختلاسها.
وجرى، خلال الاجتماع، التطرق إلى 11 ملفا وقضية؛ منها قضايا أحالتها المنظمة المذكورة على السلطات القضائية المختصة أو انتصبت طرفا مدنيا فيها، ضمنها ملف يهمّ وزيرا ورئيس حزب سابقا، في ملف يخص مجازر الدار البيضاء، حين كان عمدة للمدينة، بصفته آمرا بالصرف.
كما تضمّنت الملفاتُ المعروضة على النيابة العامة بالدار البيضاء اسميْ نائبين برلمانيين بصفتهما منتخبيْن محلّيين، إضافة إلى مجموعة من رؤساء جماعات حاليين وسابقين.
المنظمة المغربية لحماية المال العام وصفت اللقاء الذي جمع ممثليها بالوكيل العام للملك بـ”المهم”، لافتة إلى أنه “أعرب عن تعاونه في كافة المجالات والميادين التي من شأنها المحافظة على المال العام، وحمايته من التبديد والاختلاس”، كما أشادت المنظمة بـ”جهود النيابة العامة الملموسة المرتبطة بمكافحة ظاهرة الفساد عبر التراب الوطني بصفة عامة”.
وفي تصريح لهسبريس، قال محمد بنساسي، المحامي بهيئة الرباط ونائب رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام، إن اللقاء مع الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدار البيضاء شكل فرصة للنقاش والتداول في مجموعة من الملفات والقضايا موضوع شكايات، تهم جماعات ترابية وقطاعا وزاريا واحدا، “بغاية المساهمة في تشكيل وتكوين القناعة لدى السيد الوكيل العام للملك، لمباشرة الإجراءات المسطرية المطلوبة بشأنها”.
ويندرج اللقاء، الذي جمع وفدا من المنظمة المغربية لحماية المال العام مع الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في إطار اللقاءات العادية التي تعقدها المنظمة مع جهاز النيابة العامة بمختلف المحاكم الوطنية عبر ربوع المملكة، “باعتبار انتصاب هذه الأخيرة طرفا أصيلا في القضايا والمنازعات المرتبطة بجرائم الأموال، ودورها المحوري في مكافحة الفساد الإداري والمالي، الموضوع الذي تهتم به المنظمة”.
وأبرز بنساسي أن المنظمة المغربية لحماية المال العام تهدف من وراء لقاءاتها مع جهاز النيابة العامة إلى التعريف بها وبأدوارها المدنية ومجالات اهتمامها واشتغالها من جهة، ومن جهة ثانية بحث سبل التعاون بين جهاز النيابة العامة والمنظمة “باعتبارها أحد مكونات المجتمع المدني الجاد والمسؤول الآخذ على عاتقه معركة الدفاع والترافع على حرمة المال العام وشفافية صرفه ومصداقية إنفاقه، وحمايته من التبديد والاختلاس والضياع”.
وأضاف المحامي بهيئة الرباط أن المنظمة عازمة على تكثيف جهودها، والرفع من وتيرة عملها، انسجاما واستجابة لمضامين الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى البرلمان المغربي بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه، والتي تضمنت إشارات واضحة ورسائل صريحة تحث مختلف الفاعلين على تكثيف الجهود لتخليق الحياة العامة.
وشهد المغرب، خلال الشهور الأخيرة، اعتقال ومتابعةَ عدد من المنتخبين، منهم برلمانيون، ورؤساء مجالس ترابية، بشبهة تبديد واختلاس المال العام؛ وهي العملية التي رأى متابعون أنها تنمّ عن توجه جديد لدى الدولة لمحاربة الفساد، الذي لا يزال منتشرا على نطاق واسع، حسب ما تؤكده التقارير الدولية وتقارير مؤسسات وطنية.
وترى المنظمة المغربية لحماية المال العام، حسب ما جاء على لسان نائب رئيسها، “أن من أهم المداخل الأساسية والرئيسية الكبرى الواجب التركيز عليها لترجمة الإرادة الملكية السامية المتجهة لتخليق الحياة العامة في أبعادها الشاملة، تقويةُ جبهة مكافحة الفساد بمختلف أنواعه ومستوياته، عبر تحصين المال العام من التبديد والاختلاس، والمساهمة في ترشيد انفاقه وتجويد آليات وأدوات صرفه، عن طريق قيامنا بدورنا الرقابي كمجتمع مدني إلى جانب الأجهزة التقليدية المعنية بمباشرة الرقابة النظامية على المال العام”.
المصدر: وكالات