كشفت معطيات جديدة عن مؤشرات صادمة حول بنية السكان النشيطين المشتغلين في المغرب، إذ أكدت أن نصفهم (49.9 في المائة) لا يتوفرون على أي شهادة، فيما تحمل نسبة 32 في المائة منهم شهادة متوسطة، و18.1 في المائة تحمل شهادة عليا.
ويتوزع السكان النشيطون المشتغلون غير الحاملين لأي شهادة على قطاع “الفلاحة والغابات والصيد”، متبوعا بقطاع البناء والأشغال العمومية بنسبة 56.7 في المائة، والصناعة، بما فيها الصناعة التقليدية، بـ40.9 في المائة، وكذا 34.7 في المائة في قطاع الخدمات.
وأفادت مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول المميزات الأساسية للسكان النشيطين خلال 2023 بعدم توفر ثلثي المستقلين (65.8 في المائة) على شهادة، فيما يحمل 27.8 في المائة منهم شهادة متوسطة، و6.4 في المائة يتوفرون على شهادة عليا، مؤكدة أن هذه النسب تبلغ بالنسبة إلى فئة المستأجرين 40.4 في المائة و34.4 و25.2، على التوالي.
الرجال أكثر استقلالية
أكدت المذكرة أن 6 نشيطين مشتغلين من بين كل 10 هم مستأجرون (58.9 في المائة)، ليظل الشغل المأجور أكثر انتشارا بين النساء النشيطات المشتغلات بالوسط الحضري، بنسبة 85.9 في المائة، مقابل 67.3 في المائة بين الرجال؛ فيما يمثل المستقلون 26.3 في المائة من النشيطين المشتغلين، موزعين بين 29.9 في المائة لدى الرجال، و12.4 في المائة لدى النساء.
وتعليقا على المعطيات الواردة عن المندوبية السامية للتخطيط أكد محمد أمين الحسني، خبير في الاقتصاد التطبيقي، استمرار خلل هيكلي في سوق الشغل مرتبط بالتأهيل، موضحا أن “العاملين في قطاع الفلاحة والغابات والصيد ممن لا يتوفرون على شهادة يعكسون ضعف تطور هذا القطاع، الذي أسقطت البرامج والإستراتيجيات الخاصة بتنميته العنصر البشري من حساباتها خلال السنوات الماضية”.
وأضاف الحسني، في تصريح لهسبريس، أن “سوق الشغل تمثل مرآة عاكسة لمستوى تطور التنمية الاقتصادية”، مؤكدا أن “عدد مناصب الشغل المحدثة يشكل أحد المؤشرات الرئيسية في احتساب معدل النمو”، ومشيرا في السياق ذاته إلى “تسارع معدلات البطالة السنة الماضية، بعلاقة مع استمرار تداعيات أزمة كورونا وموجات التضخم والتوترات الجيو-سياسية الدولية، تحديدا الحرب الروسية- الأوكرانية”.
ولفت الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن “استقراء المذكرة الجديدة يؤكد استقلالية الرجال على مستوى الشغل مقارنة مع النساء، وذلك بعلاقة مع استمرار ضعف المبادرات النسائية في عالم المقاولة والمشاريع الحرة، رغم برامج دعم التعاونيات والأنشطة المدرة للدخل، إذ ركزت على الوسط القروي، فيما ظلت المناطق الحضرية أقل دعما لاستقلالية النساء في الشغل”.
1.5 مليون عاطل
خلال السنة الماضية أكدت المندوبية السامية للتخطيط بلوغ عدد السكان البالغين سن النشاط (15 سنة فأكثر) 27.888.000 شخص، 12.171.000 منهم نشيطون، بينما 10.591.000 هم نشيطون مشتغلون، مع 1.580.000 عاطل، بينما 15.717.000 خارج سوق الشغل.
وحسب المعطيات ذاتها فقد انخفضت نسبة السكان النشيطين بين سنتي 2022 و2023 بنسبة 0.2 في المائة (+1.8 في المائة بالوسط الحضري، و-3.5 في المائة بالوسط القروي)، فيما تزامن هذا الانخفاض مع زيادة السكان في سن النشاط (15 سنة فأكثر) بنسبة 1.4 في المائة، ما أدى إلى انخفاض معدل النشاط بـ 0.7 نقطة خلال الفترة المذكورة، ليبلغ 43.6 في المائة.
وسجل معدل النشاط أكبر انخفاض بالوسط القروي (-1.8 نقطة)، إذ انتقل من 49.1 في المائة إلى 47.3 %، مقارنة مع الوسط الحضري (-0.1 نقطة)، الذي تراجع من 41.9 في المائة إلى 41.8. بينما بلغ الانخفاض مداه في صفوف النساء، إذ هوى بـ0,8 نقطة ليبلغ 19 في المائة السنة الماضية، مقابل 69 في المائة لدى الرجال (0.6- نقطة).
وبخصوص نمط تنظيم الشغل، كشفت مندوبية التخطيط في مذكرتها عن استفادة قرابة ثلاثة نشيطين مشتغلين من كل عشرة (29.3 في المائة) من التغطية الصحية المرتبطة بالشغل؛ فيما سجلت نسبة المستفيدين من هذه التغطية تطورا بارتفاع مستوى الشهادات، إذ انتقلت من 13.5 في المائة بالنسبة للأشخاص الذين لا يتوفرون على أي شهادة إلى 74 في المائة بالنسبة إلى حاملي الشهادات العليا.
المصدر: وكالات