واعتبر الكاتب آلان كامبيوتي في مقالة له، أن أوكرانيا ما بعد عام 1991، «تحرر معاق»، خاصة أن روسيا اعترفت بها في حدودها بما فيها شبه جزيرة القرم، ولكن العقبات جاءت مع تعزيز سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبيل انهيار عام 2014، عندما قامت «انتفاضة الميدان» الشعبية في كييف بطرد الرئيس الصديق، لتعتبر موسكو ذلك انقلابا مخططا له منذ فترة طويلة من قبل الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين، باستخدام الناشطين القوميين المتطرفين، و«النازيين» المشهورين الوقود المحرك لذلك.
وبحسب الكاتب، جاءت العقوبة الروسية على شكل غزو شبه جزيرة القرم وضمها، ثم تعبئة تمرد انفصالي مسلح ومسيطر عليه في دونباس، وما تلا ذلك، على مدى 8 سنوات، كان محاولة الأوكرانيين العاجزة لاستعادة أراضيهم المفقودة، قبل أن تأتي الحرب في 24 فبراير 2022.
واعتبر أن الأوروبيين بسبب جبنهم وتأخرهم المستمر في تقديم المساعدة للأوكرانيين، خسروا المباراة، في حين أن الأمريكيين قد نفذوا نصف انسحاب من اللعبة. ولفت إلى أن دعوات السلام التي نسمعها الآن ستكون بمثابة المصادقة على الغزو.
وانتقل الكاتب إلى الكارثة التي تحدث في الشرق الأوسط، مؤكدا أنها ليست أقل خطورة لأن إسرائيل، العازمة على تدمير بلدات ومزارع غزة، ترغب في أن يظل الناس يركزون على الهجمات التي تمت في السابع من أكتوبر، وأن يتحدثوا إلى الأبد عن حماس باعتبارها وحشا، مع أن حكومة نتنياهو كانت تعلم أن تلك الهجمات في طور الإعداد، وأنها تهدف إلى إخراج القضية الفلسطينية من حالة النسيان.
وأعاد إلى الأذهان مصدر «الكارثة البطيئة المستمرة» منذ عام 1947، عندما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة التقسيم التي اقترحها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية رغم معارضة الدول العربية لها بقوة السلاح، وبدأت إسرائيل التي لم تولد بعد، تلعب من أجل بقائها، بمقاتلين هربوا للتو من الاضطهاد الأوروبي الرهيب، فكسبت المعركة، وظلت توسع أراضيها من حرب إلى حرب، وتبني تفوقا عسكريا، ليتحول الفلسطينيون إلى شعب من اللاجئين.
وتساءل الكاتب ماذا فعل عرابو 1947 لمنع هذا الهبوط إلى الجحيم؟ ليرد بأن ضميرهم المذنب بشأن ماضيهم المعادي للسامية دفعهم إلى تسليح إسرائيل وإعطاء بعض المال للفلسطينيين المتجولين، وفي نهاية هذا الموقف القائم على عدم التدخل، يعتبر الأوروبيون بالخصوص عند أغلبية كبيرة من سكان العالم، مشاركين في إنشاء مشروع استعماري.
وخلص إلى أن النتيجة التي آلت إليها أوروبا مرعبة، فهناك غزو ناجح لأوكرانيا على حسابها، وحرب لا نهاية لها نتيجة لمشروعه المهجور، مستنتجا أن القارة التي تألقت غالبا من خلال العنف الذي أدى لتراجعها إلى التشرذم والتخاذل، أصبحت الآن مهددة بعودة النزعة القومية وصعود كراهية الأجانب.
وقال: كما لو أن هذه الهزيمة لم تكن كافية، «يأتي تغيير آخر قد حدث بالفعل»، فها هو ترمب، يقترب من رئاسة البلد الذي عهد إليه الأوروبيون بأمنهم وجزء من قوتهم، وليس لديه سوى عدم الاهتمام الشديد للقارة التي جاء منها أسلافه، فماذا سنفعل والحرب على الأبواب مع عزلتنا الجديدة؟.