“علاقة مختلة للتوازن والتعاون بين النخب السياسية والنخب الإدارية المدبِّرة للشأن الجهوي بالمغرب”، ذلك ما خصلت إلى رصده وتسجيله أطروحة لنيل الدكتوراه نوقشت، حديثا، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، من خلال دراسة معمقة لـ”نموذج الولاة ورؤساء مجالس الجهات” في التدبير الترابي على المستوى الجهوي بالمملكة.
ومن خلال أطروحته التي نالت “ميزة مشرّف جدا” مع “تنويه وتوصية بالنشر”، كشف الباحث حمزة بودلاحة “أسباب وتداعيات هذا الاختلال على المسار الديمقراطي والتنموي، مستشرفا “آفاق ومداخل تطوير حكامة التدبير الثنائي بين الولاة ورؤساء الجهات”.
كما بسط عددا من “التوصيات والاقتراحات تهم الإصلاحات السياسية والتشريعية والمؤسساتية والانفتاح على التجربة الإسبانية، لتعزيز علاقة التعاون بين النخبتين السياسية والإدارية، بما يساهم في نجاح الاستراتيجيات العليا للدولة ويجيب عن انتظارات المواطنين”.
وتحت إشراف رشيد لبكر، أستاذ القانون الإداري، نوقِشَ موضوع هذه الدكتوراه الذي اختار له الباحث عنوان “العلاقة بين النخبة السياسية والنخبة الإدارية بالمغرب: الوالي ورئيس مجلس الجهة نموذجا”. كما تطرح “تصورا جديدا، يُعيد النظر في تنظيم العلاقة بين النخب السياسية والإدارية المدبرة للشأن الجهوي، حتى يتسنى لها القيام بالأدوار والرهانات الملقاة عليهما، انطلاقا من أحكام دستور 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، والرؤية الملكية لتجديد النخب وتنظيم علاقة التكامل بينها، بما يساهم في نجاح الأوراش الكبرى للدولة”، وفق تعبير ملخص للبحث توصلت به جريدة هسبريس.
وبعد إجرائه “المقارنة بين محددات انتقاء الولاة كنُخب إدارية وانتخاب رؤساء مجالس الجهات كنُخب سياسية”، استنتج الباحث “استمرار الخلل في محددات وآليات إنتاج النخب السياسية بالمغرب”، مشيرا إلى “تجليات الصدارة القانونية لموقع الولاة، مقارنة بالوضعية القانونية لرؤساء مجالس الجهات، التي ما زالت تثير العديد من الإشكالات بخصوص مسطرتيْ انتخابهم وعزلهم وكذا التزاماتهم وحقوقهم المقررة”.
وتابع أن هذه الوضع القانوني ينعكس على طبيعة العلاقة بين الولاة ورؤساء الجهات التي اتخذت مظهريْن: الأول يتمثل في خضوع وامتثال عدد من رؤساء مجالس الجهات لأوامر وتوجيهات الولاة”. أما الثاني، أضاف الباحث، فهو “اشتداد التدافع والصراع بينهم على صناعة القرار الجهوي، وهو الواقع الذي لا ينسجم مع مرتكزات الحكامة الترابية، ولا يرقى إلى علاقة التوازن والتعاون المفترضة بين النخب السياسية والإدارية، باعتبار التكامل والعمل المشترك أساس نجاح البرامج التنموية”.
الأطروحة عدّدت، حسب ملخصها، “الإكراهات” التي يطرحها الإطار القانوني للتدبير الجهوي بالمغرب؛ أبرزُها، حسب الباحث، “تداخل وتنازع الاختصاصات القانونية بين الولاة ورؤساء الجهات، واختلال علاقة التوازن بينهما”.
تبعا للمصدر البحثي عينه، فإن “الجهة لا يمكن أن تمارِس اختصاصاتها الذاتية والمشتركة والمنقولة إلا بإشراف وموافقة الوالي؛ لأن قرارات ومقررات مجلس الجهة رهينة بموافقة وتأشير والي الجهة، كما أن تدخُّلَه في مسار جدول الأعمال يُفقد المجلس تحديد أولوياته ومواضيع اجتماعاته، ويمس بالتدبير الحر”، حسب خلاصات الباحث.
يشار إلى أن “اللجنة العلمية للمناقشة” تشكلت من الأساتذة المصطفى منار بصفته رئيسا، ورشيد لبكر بصفته مشرفا، وأحمد بودراع وحسن توراك والمصطفى المصباحي بصفتهم أعضاء.
المصدر: وكالات