اغتنم عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، فرصة انعقاد المجلس الوطني لتنظيمه السياسي، بالتزامن مع اقتراب استكمال نصف الولاية الحكومية الحالية، ليرسم أولويات المرحلة القادمة في “ظرفية وطنية تتميز بالمنحى الإيجابي الذي يعرفه المسار التنموي بالمغرب”، مسجلا أنه “مسار مدعوم بالجهود الحكومية التي تترجم الحرص على الالتزام بالمسؤولية والوفاء بالخيارات الاجتماعية والاقتصادية”.
وقال أخنوش أمام أعضاء المجلس الوطني لحزبه الملتئمين بمقر الحزب بالرباط، اليوم السبت، إن “التحديات الحالية تقتضي منا تجاوز الأجندات السياسية، لأننا مقبلون على سياق وطني ودولي تحكمه تغييرات عميقة وإكراهات متجددة، وهو سياق يفرض علينا جميعا مواصلة تنزيل الأوراش الإصلاحية بالنجاعة الإرادية نفسها، ومواجهة إشكالات معقدة على غرار تدبير إشكالية الماء وتوفير المزيد من فرص الشغل لِبَناتِ وأبناء المغاربة لربح مختلف الرهانات”، وفق تعبيره.
وأضاف المتحدث نفسه أن حزب التجمع الوطني للأحرار، القائد للائتلاف الحكومي الحالي، “ماضٍ بكل مسؤولية وعزم في استكمال مسيرة النماء والتقدم بقيادة الملك محمد السادس”.
وذكّر بأنه “خلال السنتين الماضيتين، بفضل التوجيهات الملكية، وعلى الرغم من كل الصعوبات والإكراهات، تمكَّنَا من تحقيق تحولات نوعية في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية، بفضل التنزيل المحكم للإصلاحات الهيكلية التي جرى إطلاقها في إطار ورش الدولة الاجتماعية التي يعتبر جلالة الملك مهندسها الأول”.
الوفاء بـالدعم
شكّل إطلاق الحكومة للبرنامج الملكي المتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر، “لحظة تاريخية في مسار بناء الدولة المغربية الحديثة”، يقول أخنوش، واصفا البرنامج بأنه “إنجاز ثوري تسعى من خلاله المملكة إلى تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية لكل المغاربة وحماية الأسرة المغربية من تقلبات الحياة”.
ومع بداية شهر فبراير الجاري، يورد زعيم “الأحرار”، و”لأول مرة في تاريخ بلادنا من بعد ظرفية كوفيد-19، توصلت 2 مليون و600 ألف أسرة مغربية بمبالغ تراوحت من 500 إلى 1200 درهم شهرياً”.
وخاطب أخنوش منتخبي حزبه الحاضرين في اجتماع المجلس الوطني بالقول: “أكيد أنكم داخل أقاليمكم قد بدأتم تلمسون التغيير، وأن المواطنين بالفعل لمَسُوا أن هذه الحكومة فكرت فيهم وفي ذويهم. كما أن هذه الأسر أضحت تحس بأن الدولة تقف بجانبها. وهُنا أؤكد أن هذه الحكومة أوْفَت بكلمتها ووعودها للمواطنين. وكان حرصي شخصياً على أن يكون السجل الاجتماعي هو الآلية الوحيدة لضمان الاستفادة من كل البرامج الاجتماعية”.
واعتبر أخنوش أن “هاجس حكومته، منذ تنصيبها، هو إرساء نموذج للدولة الاجتماعية في شموليتها باعتبارها خيارا استراتيجيا يشمل كل الفئات والأسر المغربية”.
قطاع التعليم
“لن أبالغ إن قلتُ لكم إن الحكومة التي أتشرف بقيادتها جعلت من سنة 2023 محطة مفصلية في تاريخ إصلاح المنظومة التربوية ببلادنا، وحدثا ثوريا ستتذكّرُه الأجيال المقبلة بكثير من الإشادة والتنويه”، يورد أخنوش، مفسرا أن “إصلاح التعليم ليس بالأمر السهل كما قد يعتقد البعض، وتجاوُز تركته الثقيلة استدعى التحلي بإرادة وشجاعة سياسيتين للتعاطي مع مختلف إشكالاته وجوانبه”.
وقال رئيس الحكومة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار إن “التاريخ سيُنصف هذه الحكومة، التي عبأت كل مواردها وطاقتها للمضي قدما نحو إصلاح عميق وشامل ولا رجعة فيه للمدرسة والجامعة المغربيتيْن”، شارحاً: “فعلى الرغم من كل الصعوبات التي رافقت انطلاق الموسم الدراسي لهذه السنة، تمكنا ولله الحمد، مع متم الدورة التشريعية الخريفية، وخلال الأسبوعين الماضيين، من تنزيل كل الإطارات التنظيمية للمضي قدما في تكريس الإصلاح”.
وبالنظر إلى الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية لقطاع التعليم، أكد أخنوش أن “اختيارنا في الحكومة أن يكون الإصلاح في إطار ديمقراطي تشاركي مؤسساتي، تضمَنُه آلية الحوار الاجتماعي، التي أردنا عبْرها إعادة الثقة للمؤسسات وتغليب المصلحة العليا لأبناء وبنات المغاربة ومستقبل الأسرة المغربية عموما”.
وأشاد المتحدث بـ”مختلف المركزيات النقابية المسؤولة، على حسها الوطني، وتغليبها للمصلحة العليا للوطن، خلال مختلف مراحل وجولات الحوار الاجتماعي الذي نجحنا في إعادة إحيائه ومأسسته”.
تأهيل الصحة
ذكر أخنوش وهو يتلو التقرير السياسي للدورة العادية للمجلس الوطني لحزبه أن “مطلع 2024 عَرَف موعدا تاريخيا للشروع في برنامج دعم السكن، المؤطر بالتوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تحسين ظروف عيش المواطنين، من خلال تمكينهم من سكن يليق بكرامة المغاربة”.
ولم يفته أن يستحضِرَ آخر المعطيات المتعلقة بإقبال المغاربة على منصة تقديم طلبات الحصول على دعم الدولة للسكن الرئيسي، التي وصلت أكثر من 48 ألف طلب.
“بنفس الإرادة والعزيمة”، يشدد رئيس التجمعيين على مواصلة “قيادة المجهود الجماعي مع مختلف الفاعلين لتحسين الولوج العادل والمنصف إلى الخدمات الصحية الوطنية، واستدراك التأخر الهيكلي المسجل في هذا المجال”، وقال: “تمكنت الحكومة من استكمال المساطر التشريعية والتنظيمية المرتبطة بإصلاح المنظومة الصحية، ومواصلة تأهيل المؤسسات الاستشفائية والمراكز الصحية للقرب، والعمل على تطوير منظومة التكوين والتأطير لفائدة الأطر الطبية ومهنيي الصحة”.
وأجمل بأنها “كلها جهود ستساهم بلا شك في تسهيل وسلاسة مسارات العلاج، وتجاوز كل المعيقات التي كان يعيشها المواطنون من أجل خدمة صحية تحفظ كرامتهم”.
كما استذكر في معرض حديثه “المجهودات الكبيرة المبذولة لتأهيل قطاع الصحة العمومية وضمان جودة العرض الصحي”، مبرزا أن “الحكومة كانت على موعد مع التاريخ بتنزيل ورش التغطية الصحية والتسريع من وتيرته على أرض الواقع”، موردا: “تمكّنَّا مع متم سنة 2022، في احترام للأجندة الملكية، من فتح باب الانخراط في خدمات التأمين الإجباري عن المرض لعموم المغاربة، وضمان استفادة أزيد من 11 مليون مواطن من برنامج [أمو تضامن] تتحمل الدولة اشتراكاتهم الشهرية، بقيمة 9.5 مليارات درهم سنويا”.
وأكد أخنوش “سعي الحكومة إلى تحقيق مبدأ الإنصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية في مختلف سياساتها وبرامجها، ما يتجلى في تكامل تدخلاتنا التي تهدف إلى النهوض بأوضاع الأسرة المغربية على اختلاف مستوياتها، على غرار تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، ودعم السكن، والزيادة في أجور فئات عريضة من الشغيلة، في إطار جولات الحوار الاجتماعي القطاعي، أو الرفع من الحد الأدنى للأجر والرفع من الأجور بالنسبة للقطاع الفلاحي”.
واعتبر المسؤول الحزبي والحكومي ذاته إنجازات حكومته “تدخلات وإجراءات لا يمكن أن تباشرها دفعة واحدة إلا حكومة ديمقراطية اجتماعية، كان التزامها منذ البداية تكريس أسس الدولة الاجتماعية في شموليتها”.
المصدر: وكالات