تناول تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين 5.25% ـ 5.5% بما يتسق مع توقعات السوق، حيث ألقى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خطابا بعد صدور القرار أشار فيه إلى أنه على الرغم من تحرك التضخم في الاتجاه الصحيح نحو المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتحديد ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لبدء خفض أسعار الفائدة، وألمح للأسواق إلى أن خفض سعر الفائدة في مارس المقبل قد يكون من المبكر جدا، وقبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، غيرت الأسواق توقعاتها بشأن خفض سعر الفائدة الأول من مارس إلى مايو بعد صدور بيانات الوظائف الشاغرة التي جاءت أفضل من المتوقع.
وذكر التقرير انه وفي مؤشر على قوة وصلابة سوق العمل الأميركي، كشفت بيانات مكتب إحصاءات العمل للوظائف الشاغرة ومسح دورات العمالة المعروف باسم JOLTS زيادة فرص العمل في ديسمبر، إذ وصلت إلى 9.03 ملايين فرصة عمل مقابل 8.93 ملايين فرصة عمل في السابق، متجاوزا التوقعات البالغة 8.71 ملايين، ويمثل هذا الرقم أعلى المستويات المسجلة في 3 أشهر، وكانت المرة الأولى التي ترتفع فيها القراءة الافتتاحية للمؤشر فوق مستوى 9 ملايين منذ سبتمبر.
وأشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه في انتظار تباطؤ سوق العمل حتى تنخفض الضغوط التضخمية. وبما أن الإنفاق الاستهلاكي يشكل 70% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، قد يؤدي عدم التوازن بين جانب العرض والطلب في سوق العمل إلى ارتفاع الأجور، ليستمر بذلك الاتجاه القوي للإنفاق والنمو الملحوظ، إلا أن ذلك قد يدفع أيضا الشركات إلى رفع أسعارها، مما يعقد مسار الوصول إلى مستوى التضخم المستهدف الذي يرغب مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الوصول إليه والمحدد بنسبة 2%.
وارتفع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات للحصول على إعانة البطالة إلى أعلى المستويات المسجلة في 11 أسبوعا، ليصل إلى 224 ألف طلب، مقارنة بمستويات الأسبوع الماضي البالغة 215 ألف طلب. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت المطالبات المستمرة بمقدار 70 ألف طلب ووصلت إلى 1.9 مليون طلب، مما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ منتصف نوفمبر. وعلى الرغم من زيادة المطالبات الأولية والمستمرة، ما زالت سوق العمل في الولايات المتحدة في أضيق مستوياتها التاريخية على خلفية دورة التشديد النقدي التي اتبعها الاحتياطي الفيدرالي.
وشهدت الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة زيادة هائلة، إذ ارتفعت إلى 353 ألف وظيفة جديدة مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 333 ألف وظيفة، وكانت التوقعات قد أشارت إلى إضافة 187 ألف وظيفة.
وعززت القراءة فكرة قوة سوق العمل في الولايات المتحدة، خاصة في ظل وصول معدل البطالة إلى 3.7%. بالإضافة إلى ذلك، تجاوز متوسط الأجر في الساعة التوقعات، إذ ارتفع بنسبة 4.5% على أساس سنوي وبنسبة 0.6% على أساس شهري. وبعد صدور تلك البيانات، ارتفعت عائدات سندات الخزانة، إذ تجاوزت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات حاجز 4% في وقت من الأوقات. وفي الوقت ذاته، تحسن أداء الدولار وزادت الرهانات على إبقاء سعر الفائدة عند نفس مستوياته دون تغيير في مارس إلى 80.5% مقابل 64.5% قبل يوم واحد. وأكد مجلس الاحتياطي الفيدرالي على مراقبته لأوضاع سوق العمل عند اتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة في الاعتبار، مع إمكانية أن تسهم قوة سوق العمل في تفاقم الضغوط التضخمية.
واستمر تحسن معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة، إذ وصلت القراءة الأخيرة لمؤشر «كونفرنس بورد» لثقة المستهلك الأميركي إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ عامين عند 114.8 نقطة، أي أعلى بكثير من القراءة السابقة البالغة 108 نقاط. وارتفع مؤشر الوضع الحالي إلى 161.3 نقطة مقابل 147.2 نقطة، في حين ارتفع مؤشر التوقعات أيضا إلى 83.8 نقطة مقابل 81.9 نقطة. وجاءت تلك القراءات في ظل انخفاض معدلات التضخم وقوة سوق العمل، مما ساهم في زيادة الإنفاق الاستهلاكي والنمو في مختلف قطاعات الاقتصاد. وأخيرا، تراجعت توقعات التضخم الاستهلاكي لمدة عام إلى 5.2%، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ مارس 2020.
منطقة اليورو تتجنب الركود الفني بصعوبة
كشفت بيانات الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو عن تجنب الكتلة بصعوبة الانزلاق إلى مرحلة الركود الفني، إذ جاءت قراءته ثابتة مقابل القراءة السابقة التي كانت تشير إلى انكماش بنسبة 0.1%. ويأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه ألمانيا، أكبر اقتصاد على مستوى أوروبا، مواجهة المصاعب في ظل انكماش اقتصادها بنسبة 0.3% في الربع الرابع من العام 2023. وساعد النمو بوتيرة أفضل من المتوقع في إيطاليا وإسبانيا بنسبة 0.2% و0.6%، على التوالي، في تعويض التبعات الناجمة عن مشاكل اقتصاد ألمانيا وضمان عدم دخول منطقة اليورو في حالة انكماش، كما نما الاقتصاد الفرنسي بنسبة 0%، مما يشير إلى أنه على الرغم من تمكنه بالكاد من تجنب الركود، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة وضعف الطلب الاستهلاكي يؤثران سلبا على اقتصاد منطقة اليورو.
وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي لاجارد إلى أن البنك المركزي لا يفكر في خفض أسعار الفائدة حتى فصل الصيف، إلا ان استمرار صدور البيانات الضعيفة من أوروبا دفعت السوق إلى توقع خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر أبريل.
وانخفض مؤشر أسعار المستهلكين الكلي في منطقة اليورو في يناير إلى 2.8% مقابل قراءاته السابقة البالغة 2.9% بما يتسق مع التوقعات، وتمثل قراءة ديسمبر البالغة 2.9% نموا مقارنة بقراءة نوفمبر البالغة 2.4%، وذلك على خلفية تقليص سياسات دعم الطاقة، وتشير التقلبات التي شهدها المعدل الكلي إلى حساسية منطقة اليورو لأسعار الطاقة ومقاييسها. وعلى الرغم من ذلك، فإن معدل التضخم الأساسي هو الذي يمثل مأزقا صعبا لصانعي السياسات، إذ وصلت قراءة يناير إلى 3.3%، أي أعلى من الرقم المتوقع البالغ 3.2%. وتمثل الطبيعة المترسخة للمعدل الأساسي، وبصفة خاصة قطاع الخدمات، عقبة أمام مستوى التضخم المستهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي بنسبة 2%.
وفي الوقت الذي تقوم فيه الأسواق بتسعير خفض أسعار الفائدة في أبريل، استبعد بعض المتحدثين في البنك المركزي الأوروبي تلك التوقعات داعين إلى اعتبارات خفض أسعار الفائدة في الصيف على أقرب تقدير. وعلى الرغم من ذلك، ظل النمو الاقتصادي في الكتلة راكدا، مما أدى إلى تجنب الركود الفني بصعوبة، كما يواجه المستهلكون ضغوطا شديدة نتيجة لارتفاع معدلات التضخم ودورة التشديد النقدي التاريخية، مما يجعل مهمة البنك المركزي الأوروبي أكثر تعقيدا، إلا أن البنك المركزي تعهد بالاعتماد على البيانات، مؤكدا تركيزه على كبح جماح التضخم كأحد أبرز أولوياته الرئيسية.
وفي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، أبقى بنك إنجلترا على سعر الفائدة ثابتا عند 5.25%، وقال أندرو بيلي محافظ البنك: لقد تلقينا أخبارا جيدة بشأن التضخم خلال الأشهر القليلة الماضية. لقد انخفضت هذه النسبة بشكل كبير، من 10% قبل عام إلى 4%. لكننا نحتاج إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم من المتوقع أن ينخفض إلى مستوى 2% المستهدف، وأن يبقى عند هذا المستوى، قبل أن نتمكن من خفض أسعار الفائدة. وتقوم الأسواق في الوقت الحالي بتسعير قيام البنك المركزي بالبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير حتى شهر مايو وحدوث أول خفض لسعر الفائدة في يونيو.