إنَّ الفلسطينيين بشرٌ وليسوا أنعاماً، ليستبيحهم جيش نتنياهو والمستوطنون المتطرفون والأحزاب الدينية اليهودية المتزمتة؛ ويطاردونهم من مكان لمكان؛ نساء وأطفالاً، مسنين ومسنّات، ورجالاً وشباباً، بل يقودونهم من مكان لمكان، ليس لأنه آمنٌ للمدنيين، وإنما لأنه سيسهل عليهم تصفيتهم أكثر من مكان إقامتهم الأصلي في قطاع غزة. وها هو جيش نتنياهو والمتطرفين دينياً يحاصرونهم الآن في أبعد مكان ساقوهم للنزوح إليه؛ وهو مدينة رفح القريبة من الحدود بين غزة ومصر. وبدأت إسرائيل فعلياً استهداف رفح؛ ما أدى إلى وقوع عشرات الوفيات ومئات الإصابات، حتى أن العدد الكلي لشهداء هذا الجُور الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023 ارتفع إلى ما يفوق 127 ألفاً، نصفهم نساء وأطفال.. ماذا يريد متطرفو الدولة العبرية؟ هل سيبيدون الفلسطينيين بهذه الطريقة؟ إنهم مخطئون وواهمون، فعلى رغم التقتيل والإصابة والتشريد يولد كل يوم عشرات الأطفال الفلسطينيين؛ الذين سيحملون الراية للذودِّ عن وطنهم، والثأر ممن قتل آباءهم وأمهاتهم وأجدادهم.
تفيض المقابلات مع المستوطنين المتطرفين وأعضاء الأحزاب الدينية المتشددة بأحاديث مؤداها أنّ على الفلسطينيين أن يبحثوا عن دولٍ أخرى لتؤويهم، لأن غزة ستتحول إلى مستعمراتٍ يهودية، أسوةً بالضفة الغربية.
إنَّ غزة وطنٌ أصلي لغالبية سكانها، هي وطنٌ اضطر فلسطينيون إلى النزوح إليه إثر مذابح 1948، فكيف يُطالب هؤلاء المتعطشون للدماء والأرض بأن تكون فلسطين خالصةً لليهود وحدهم؟ لقد قبِل العرب بوضع حدٍّ للنقاش العقيم حول الأحقية بالعيش في غزة، والضفة الغربية، والقدس العربية، وذلك باقتراح قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام، لكنّ نتنياهو وحلفاءه المتزمتين يظنون أن الحلَّ العسكري وحدَه الكفيلُ بإبادة الفلسطينيين.. ولكنْ هيهات هيهات، لن يضيع حقٌّ يطالب به أهله.