علاقات و مجتمع
«خالد مشروع حياتي أنا وأبوه»، كلمات بصوت أم بقلب مكلوم دوى ألمًا من بين الأنقاض، إذ تعرض منزلهم للقصف خلال غارات الاحتلال الغاشم، فما زال كل يوم في فلسطين قصص تستحق أن تروى، بعدما تبدد الأمان وشاعت الحروب، وفي ألف عبرة يضربها الفلسطينيون كل يوم، تقص قصة طفلها، بلسان لم يفارق الحمد، لتحتسبه عند الله شهيدًا.
أم فلسطينية تفقد طفلها
غلَّفت دموعها انفطار قلبها، مرددة أن خالد طفلها الوحيد استشهد، ولكن الشوق والألم لم يزالا، لتروي قصته اليوم، الأم آمال الخواجة، خلال حديثها، لأول مرة لـ«الوطن»، تحاول أن تتمالك نفسها ولكن خارت قواها: «جيت من غزة يوم 8 أكتوبر على بيت أهلي في رفح على أساس أنه أكثر أمان، لأن الغزة فيها الضرب قوي، ومن كام يوم القصف زاد اقتنعت أن الضرب بيقرب، لكن أبدًا ما توقعت أننا نموت، ما توقعت خالد يروح».
صرنا القصة في فلسطين
يدعى الطفل خالد محمد جبر، عمره 7 سنوات، من تل الهوى في غزة، ولكن تم القصف في رفح في الجنوب: «خالد من يوم ما اتولد وهو في حصار، كان طفل أنابيب معاه توأم آدم اتوفى بعد 3 أيام بسبب إن الحضانات غير منيحة، وطلعنا على القدس لنعالجه وبعد 32 كان كيلو ونص»، ومن القدس لغزة لفرح كانت رحلة علاجه، تردد الأم «كل شيء كنا نهتم بخالد قلبنا فيه».
اقرأ أيضًا: «أبيض وشعره كيرلي».. أول تعليق لطبيب فقد طفله في غزة: «قلبي مات»
تعمل الأم في المجال الإنساني بالمؤسسة الدولية وتقابل العديد من القصص والحكايات في فلسطين كل يوم، لكنها لم تصدق أنها أصبحت القصة اليوم: «كان بيعزيني أن عمر خالد لسه فيه يعيش سنوات وحيوات تانية يفرح فيها، سبحان الله الدكتور كمان زياد التتري المتابع لحالة خالد من أول ما اتولد لليوم استشهد، أنا ما فرحت بخالد بخمس سنين جات الكورونا جات حرب ورا حرب ورا حرب وراح خالد».
بسمة مفقودة
تروى الأم أن «طفلها كان محبًا للحياة مقبلا عليها، قصفت الدار علينا طلعت أنا مصابة بعيني ورجلي وضهري مكنتش حاسة بالألم وحتى المستشفى كنت عاوزة غرز مرضيتش، طول الليل بلا استثناء دورت عليه بس ما كان يرد كان عندي أمل، لكن جالي في الحلم قالي ماما أنا طلعت مع خالتو ولاء فوق، عرفت أنه استشهد ودار عمي وبابا واخويا من كل عيلة فضل حد، مش مات حد لا الوجع عميق وكبير كتير».
احتفل الطفل خالد بعيد ميلاده السابع والأخير في 10 يوليو: «كان خالد طفل جميل، كنت فاكرة أن خلاص شفى بس طلعنا مرتبطين بهذا الأرض وبالاستشهاد فيها، خالد كان مشروع حياة كان في مدرسة دولية لاعب كرة محترف في أكاديمية الوحدة، وفارس في نادي فرانس، وسباح ماهر كل الأماكن المرتبطة بخالد كمان راحت، وكان بيحب السفر حتى جينا لمصر ولعب في الأهرامات».
لم يستطع الأب فراقه، لم يودعه، وعبر الأب خلال حديثه لـ«الوطن»: «مودعتوش ومشوفتوش مسافر بعمل، كان هاممني آلام الناس صار عندي الوجع، الحمد لله على كل حال»، ليودعا معًا طفلهما الصغير، متمنين لقاء على باب الجنة، لتهز حكايتهما فلسطين مرددين بالدعاء للطفل.
رسالة إلى خالد
«انتهت سنة 2023 بك يا خالد يا حبيبي، وكانت تنتهي كل سنة معك بطريقة مميزة، لكن وبدون أي مقدمات وبقلب حطمه الألم، ستأتيني الأعوام من دونك، لم أعلم كم أعيش، لكن نلتقي في جنة عرضها السموات والأرض»، رسالة أم فُقد قلبها.