اختار الله عز وجل الأنبياء والرسُل للقيام بأعظم مهمة، وهي الدعوة إلى الله وإصلاح حال البشر، وذكر في كتابه العزيز قصص للأنبياء، لنستمد منهم العبر والحكم، خلال دعوة الناس لعبادة الله تعالى والابتعاد عن الشرك.
وبعث نبي الله إدريس عليه السلام مرتين لقومين مختلفين، ووصفه جل جلاله في محكم كتابه بالنبوة والصديقية، كما ورد اسمه في القرآن الكريم، في الآيتين 56 و57 من سورة مريم، إذ قال الله تعالى: «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا»، وفي الآيه 85 من سورة الأنبياء: «وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ»، وفقًا لدار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك».
النبي إدريس بعث لأمتين مختلفتين
أرسل الله «إدريس عليه السلام»، لأهل بابل ليدعوهم لعبادته، واستعمل النبي إدريس، جميع الطرق لإقناعهم، بينما بدأ الناس في إنكاره ولم يهدي الله للإيمان إلا قلة منهم، وبعد محاولات عدة وصل النبي لمرحلة من اليأس في قيادة شعبه، فخرج مع من آمن منهم بأمر الله عز وجل واتجهوا إلى مصر، وهناك أكمل دعوته ورسالته إلى الله، حيث استقر على نهر النيل، وحظيت دعوته بالعديد من المؤيدين.
وكان للنبي إدريس مكانة عظيمة بين الأنبياء الصالحين عليهم السلام، وقال الله تعالي «واذكروا إدريس» في سورة مريم، «إسماعيل وإدريس وذو الكفل» في سورة الأنبياء، وإدريس عليه السلام حكم مصر، وينسب البعض إليه بناء الأهرامات، وفقًا لمؤرخي التاريخ الإسلامي، وذكر في رواية عنه أن أحد الملوك أراده بسوء ولكن الله عصمه منها، كما جاء في كتاب الإمام السيوطي في كتابه «حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة».
وكان إدريس عليه السلام أول من بنى في مصر بيوتا مخصصة لعبادة الله عز وجل، وأول من جلب علم الطب للبشر، أما عن أشهر القصص عنه، انتقاله من بابل لمصر بعد إلحاق الأذى به من قبل قومه، حسب ذكر المقريزي في كتابه «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، المعروف باسم «الخطط المقريزية».
كما أن نبي الله سيدنا إدريس عليه السلام، هو أول من نبي بعد سيدنا «آدم» و«شث» عليهما السلام، إلا أن ابن إسحاق ذكر أنه أول من كتب بالقلم ووصل لعمر سيدنا آدم عليه السلام لـ308 سنوات.
نشأة سيدنا إدريس
واختلف العلماء في ولادة ونشأة سيدنا إدريس فقال بعضهم: إنه ولد في مدينة «بابل»، وآخرون قالوا إنه ولد بمصر.
ومُيز النبي إدريس عليه السلام، بالعديد من الأمور منها، أنه رفع حيا وقبضت روحه بالسماء السابعة وقبره هناك، وذلك تفسير لقول الله تعالى عن نبيه «إدريس» في سورة مريم: «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا»، وقال ابن جرير الطبري في كتابه «جامع البيان» يعني به: إلى مكان ذي علو وارتفاع، وكثرت التفسيرات، منها أن المقصود في الآية هو الرفع المعنوي.