عاشت بعض الأحياء العلوية بمدينة أكادير، بحر الأسبوع الماضي، انقطاعات يومية للماء، ما أثار مخاوف الساكنة من تداعيات الفترة الحرجة التي أعلن عنها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، بخصوص تدبير القطع المؤقت للصبيب، على الرغم من كون الجهات المختصة بعاصمة سوس أفادت بأن القطع “ناتج عن عطب على مستوى منشآت الإنتاج التابعة للمكتب الوطني للماء والكهرباء”.
وكان الإشكال الذي جرت مناقشته حينها هو دور محطة تحلية مياه البحر باشتوكة آيت باها التي بدأت في تزويد ساكنة أكادير بالمياه المحلاة عمليا منذ فبراير 2022، والتي يعتبر “دورها أساسيا في تجنيب المنطقة سيناريوهات العطش في السنتين الأخيرتين، لكونها غطت خصاصا كبيرا من حيث التزود بالماء الشروب وكانت هناك صعوبة كبيرة لدى المواطنين في التمتع بحصتهم من الماء”، وفق تعبير رشيد فاسح، رئيس جمعية “بييزاج” للبيئة بجهة سوس ماسة.
مصادر هسبريس من السلطات المحلية بأكادير اكتفت بالقول إن “المحطة تبلي بلاء حسنا في تزويد الساكنة بالماء الشروب وحماية الأمن المائي بسوس الذي كان مهددا بشكل كبير في السنوات الأخيرة جراء التغيرات المناخية”، مسجلة أن “الانقطاعات التي عرفها الماء ترجع إلى بعض تدابير الصيانة، والمياه الآن متوفرة في الأحياء التي كانت معنية”.
لكن فاسح عاد ليؤكد أن “تشييد المحطة جاء في وقت متأخر؛ لكون ذلك كان مبرمجا منذ أزيد من عقد من الزمن، مع أنها حين بدأت بدا أن ورش تحلية مياه البحر هو الخيار الأنسب بحكم الإرث البحري الذي نتوفر عليه والذي يمتد على 3500 كيلومتر”، مضيفا، في تصريح لهسبريس، أن “هذه المحطة كانت استجابة للنداءات التي رفعها الخبراء وفعاليات المجتمع المدني بسوس التي كانت تعيش حالة ندرة مخيفة”.
وسجل رئيس جمعية “بييزاج” للبيئة بجهة سوس ماسة أن “الجفاف كان حادا بمناطق الجنوب والعديد من الأودية جفت، ونبهنا من خلال تقاريرنا إلى أن هناك أشياء غير عادية؛ فالسدود كانت تزود بعض المناطق والتزويد بدأ يقل، والفلاحة تضررت رغم أنها تلعب دورا كبيرا على مستوى الاقتصاد الوطني”، مبرزا أن “الحاجة اليوم هي تسريع خلق محطة أخرى لتحلية مياه البحر وتوجيهها للاستغلال الفلاحي وتزويد الضيعات بكميات كافية من المياه وبشكل عقلاني يراعي خصوصية الظرفية”.
وأوضح المتحدث أن “ملايين الأمتار المكعبة من المياه تضيع بسبب قلة الصيانة في العديد من الأنابيب وغيرها، ما يحتم أن تبذل الجهات الرسمية مجهودا أكبر للحفاظ على الموارد المائية الاعتيادية وضمان تزويد المواطنين بها بشكل عادي”، لافتا إلى أنه “من الممكن استثمار الوسائل التكنولوجية في رصد الأعطاب ومعالجتها، لأننا في حاجة إلى أي متر مكعب بما أننا دخلنا تدبير الندرة”.
ودعا الناشط البيئي ذاته إلى “تأهيل مشاريع تحلية مياه البحر وتوسيعها بمحطات جديدة على المستوى الوطني لكي تستطيع أن تجنب المواطنين والدولة السيناريوهات السلبية، وهو ما أبرزته محطة أكادير التي ننتظر أن تخلق مثيلات لها توفر هذه المادة الحيوية للمناطق النائية ضمانا للحق في الماء والصرف الصحي”، مذكرا بأن “هذه المحطة تعد إحدى أكبر محطات تحلية مياه البحر على مستوى منطقة المتوسط وإفريقيا”.
وأشار فاسح إلى أن “أكادير لها خصوصية بحكم طابعها السياحي والعالمي، ولم يكن ممكنا السماح بالمزيد من الاستنزاف للفرشة، وهو ما أجابت عنه مرحليا هذه المحطة”، مؤكدا أن “تجنب أزمة العطش اليوم يقوم على الرفع من تحلية مياه البحر وتسريع وتكثيف محطات معالجة المياه العادمة ومختلف المشاريع التي أعلنا عنها ضمن استراتيجيتنا المائية”، مبرزا أن “الجهود يجب أن تركز على اقتصاد الماء في ظل التقائية محكمة بين الجهات المختصة وبالتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني”.
وبرهانٍ على استفادة ما يزيد عن مليون و600 ألف نسمة من الماء الشروب في جهة أكادير الكبير، انطلقت محطة أكادير للتحلية قبل سنتين، تماشيا مع أهداف البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي للفترة ما بين 2020-2027، الذي أطلقه الملك في يناير 2020، وهو برنامج يروم دعم وتنويع مصادر التزويد بالماء الشروب، ومواكبة الطلب المتزايد على هذا المورد، وضمان الأمن المائي، والحد من آثار التغيرات المناخية.
وتبلغ سعة المحطة في مرحلة أولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 150 ألف متر مكعب في اليوم موجه للشروب، وذلك باعتماد معدات وتقنيات متطورة في الإنتاج والتوزيع، ضمنها تقنية التناضح العكسي، كما كان مقررا أن توجه كميات لسقي المزروعات ذات القيمة العالية بسهل اشتوكة، وسد الخصاص في الموارد المائية، والمساهمة في الحفاظ على الفرشة التي تعرف عجزا سنويا.
وبما أن العجز، حسب وزير التجهيز والماء، “أصبح هيكليا في ظل تداعيات ظاهرة التغير المناخي”، فإن الحاجة ارتفعت لتوفير 50 في المائة من المياه الصالحة للشرب عن طريق تحلية المياه في أفق سنة 2030. ولهذا، أشار الوزير ذاته إلى أن الحكومة أعدت مخططا لإنشاء العديد من محطات التحلية بهدف الوصول في أفق سنة 2030 إلى إنتاج مليار و400 مليون متر مكعب.
المصدر: وكالات