سنة جديدة من عمر الحكومة ومرور العديد من السنوات على صدور دستور المملكة في 2011، وما زالت عدد من المؤسسات الدستورية لم تعرف طريقها نحو التنزيل؛ من أهمها هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
وبالرغم من الأدوار المهمة والحيوية التي يمكن أن تؤديها هذه المؤسسات في دعم برامج الفئات المعنية بها وتعزيز حضورهم في المجتمع اقتصاديا وتنمويا وأن تكون مرجعا لصناع القرار في تسطير السياسات العمومية، فإنها لم تفعل؛ وهو ما دفع فاعلين مدنيين بمختلف انتماءاتهم إلى التشديد على ضرورة الحسم في مصير هذه المؤسسات.
عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، قال إن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يعد مكسبا تم إقراره في الدستور لفائدة الشباب؛ إلا أنه، منذ 2011 الى غاية اليوم، شرعت الحكومة كما أرادت في مجموعة من القضايا المتعلقة بالشباب والعمل الجمعوي. وفي ظل غياب هذه المؤسسات الدستورية، ظلت الحكومة والبرلمان مستأثرين بالقرارات.
وأضاف رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب أن الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب لم يتم إخراجها إلى أرض الوجود من لدن الحكومات المتعاقبة بسبب هذا الفراغ، مضيفا أن خطاب الملك محمد السادس في 20 غشت 2012 كان قد أكد أن من بين الأمور التي يمكن أن يقوم المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إعداد التصورات الخاصة بهذه الاستراتيجية.
وسجل زيات بأسف أن الحكومات المتعاقبة لم تستحضر هذه المؤسسات الاستشارية ضمن قوانين المالية، مبرزا أن هذا الإهمال أنتج فراغا في كل ما يتعلق بالشباب والإشكالات المرتبطة بقضايا ملحة كان من المفروض أن تقدم لها إجابات، خاصة في ظل عجز الحكومة على تحمل تبعات هذا الفراغ.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن الحديث عن أدوار هذه الهيئات يأتي في ظل الورش الكبير المتعلق بمدونة الأسرة والذي يحتاج إلى التتبع، بالإضافة إلى انتشار الحركات الاحتجاجية والهشاشة على مستوى التشغيل، ومشاكل على مستوى الحماية الاجتماعية، في ظل غياب متابعة للسياسة العمومية بشكل أكثر دقة؛ وهو ما يمكن أن تقوم به تلك المؤسسات الدستورية.
وبما أن هذا الملف يتم إهماله، تابع زيات، فأمام الحكومة خياران؛ إما الإقرار بعدم أهمية هذه المؤسسات وأن تتم مراجعة الدستور مستقبلا وأن يتم حذفها اذا لم يتم تفعيلها، وإما أن يتم تطبيق مقتضيات الدستور وتفعيلها.
بدورها، دعت بثينة القروري، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، إلى الإسراع بإخراج هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إلى حيز الوجود، تفعيلا للمقتضيات الدستورية ذات الصلة.
وشددت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، على أن الدستور والقوانين المتعلقة بهذه المجالس مكنتها من اختصاصات مهمة لها صلة وثيقة بتمكين المجتمع والدولة من معرفة التحولات الحقيقية التي تلحق بالأسرة والمرأة وبالتهديدات التي تمس بمكانتها داخل المجتمع.
في هذا السياق، أوضحت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن هذه الهيئات تكمن أدوارها في رصد وتتبع وضعية الأسرة والمرأة، والقيام بالدراسات والأبحاث ذات الصلة المتعلقة بمجال اختصاص المؤسسات وكذا المساهمة في تقييم السياسات العمومية، إضافة إلى تلقي الشكايات بشأن حالات التمييز والتي تختص بها هيئة المناصفة.
وقالت القروري إن من شأن توفير هذه المعطيات تمكين الفاعلين من المشاكل الحقيقية وبحث سبل حلها بشكل موضوعي ، بعيدا عن افتعال بعض المشاكل النابعة من مفاهيم مستوردة والبحث لها عن حلول بعيدة عن واقعنا وعن مرجعيته الحضارية.
The post مؤسسات دستورية تنتظر "التنزيل" .. وفاعلون يطلبون التفعيل أو التعديل appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
المصدر: وكالات