علاقات و مجتمع
«بس أمنيتي أجيب نورس من هناك وتعيش»، صوت أم يدوي ألمًا، يستغيت بكل ما تملك من قوة، لتنتشل ابنتها من موت محكم بقطاع غزة، بعدما تبدد الأمان وقصف منزلهم، وبقلب مكلوم تجلس هنا في مصر، لم تشهد وفاة ابنها، وتلهث لإنقاذ ابنتها محاولة أن تنأى بها بعيدًا عن استهداف الاحتلال الإسرائيلي.
من غزة إلى مصر
غلف دموعها قهرتها، فلم تستطع الأم الصمود، فهي حالفها الحظ أن تكون بمصر، ولكن أولادها صادفهم القدر أن يشهدوا ويلات الحرب، فلديها أربعة أبناء مهند الأكبر مواليد 1996، ونورس ولدت بـ1997، أما سماح تصغرها بسنة، ومحمود الأصغر يبلغ 23 عامًا، الذي توفي والده بعد مولده مباشرةً، باتت الأم تربيهم لترى منهم الطبيب ومنهم المهندس.
دخل مهند كلية إدارة الأعمال بغزة، وكان للبنتين حظ في الالتحاق بكلية الطب، لكنهم أتوا إلى مصر منذ 7 سنوات للحصول على الشهادة من جامعة المنصورة للتعلم بشكل أفضل، ودخل محمود هندسة مساحة نظم ومعلومات جغرافية أيضًا، كانت الأسرة تعيش في أمان، حتى سافروا لخطبة مهند منذ سنة، والحصول على الامتياز من الجامعة في غزة لعدم توافر مصاريف الدراسة.
الشهيد مهند
الدكتورة سماح
الابن محمود
استشهاد ابنها وزوجته
تروى الأم باسمة موسى، ذات الـ57 عامًا، خلال حديثها لأول مرة، لـ«الوطن»، أن استشهد ابنها وأصيبت بنتها، في فجر يوم الجمعة الساعة 3، قصف المنزل بصاروخ: «ابني مهند وزوجته وابنه بعمر 7 شهور استشهدوا، كان لسه في بطنها حبيبي، كان فرحان بصورته في السونار، لكنهم راحوا ومات الحلم، حتى نظرة الوداع اتحرمت منها»، إذ ذهبوا لغزة قبل الحرب لإتمام زواجه، وحصول أخته على درجة الامتياز.
استغاثة أم
تتواجد الأم هنا هي وابنتها سماح وابنها الأصغر، لكن ابنتها نورس مازالت هناك، تحاول أن تنجدها وتأتي بها إلى هنا، لكنها لم تعرف، وبقلب منفطر: «أنا كنت بعمل مشروع سندوتشات بحي الجامعة في المنصورة، لكن كانت فلوسنا مش هتكفي تعمل الامتياز فسافروا، هي دلوقتي ملهاش حد كان اخوها هو سندها، حتى السوبر ماركت إللي عندنا في غزة قصفه الاحتلال».
«نورس أحمد نمر موسى، بدي إياها»، استغاثة من السيدة بعودة ابنتها لحضنها: «عاوزة أجيب نورس وأعالجها، حكومة غزة عملت تحويلة عشان توصل للمسؤولين بجمهورية مصر العربية، نفسي صوتي يوصل وتيجي في أسرع وقت من فلسطين».
كانت «نورس» في مستشفى الرنتيسي، ونزحت إلى الوسطى والآن في مستشفى شهداء الأقصى في النصيرات: «عندها كسور مختلفة وشظايا في ضهرها، وهناك المرضى كتير في الطرقات عاوزة أنقذها»، نموذج التحويل لجمهورية مصر وصل صباحًا من اللجنة المسؤولة في غزة.