أعادت مراسلة وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، الموجهة إلى ولاة وعمال جهات المملكة المغربية حول مجموعة من الإجراءات لمواجهة أزمة الماء، نقاش الزراعات المستنزفة للفرشة المائية، ومدى تأثير مختلف التدابير المتخذة تجاهها.
وجاء في المراسلة الرسمية ذاتها أن “استخدام المياه في الزراعات المستنزفة من قبل الفلاحين في مختلف الجهات يكون فقط بتنسيق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري”.
هذا الإجراء الجديد ينضاف إلى إجراءات عديدة للحد من استنزاف بعض الزراعات للمياه بالمغرب، أبرزها “الأفوكادو” و”البطيخ الأحمر”، المعروفة في الأصل باستهلاكها الوفير للمياه قبل جاهزيتها للتسويق والاستهلاك.
وتعيش زراعة البطيخ على وقع المنع في الجنوب الشرقي، غير أن مهنيين في القطاع يعتبرون القرار “متأخرا”، فيما يذهب بعضهم إلى وجود زراعات أخرى تستهلك الماء أكثر من هاته الفاكهة، على غرار البطاطس والبصل، فيما يصعب إقرار المنع تجاهها، نظرا لأهميتها بالنسبة للمستهلك المغربي.
قرار متأخر
مساعف الحسن، العضو في الجمعية الفلاحية لفلاحي وفلاحات منطقة طاطا، قال إن “هاته القرارات متأخرة، بحكم أن الفلاحين قاموا بزراعة هاته المنتجات المستنزفة للمياه منذ وقت طويل، وهي حاليا في طور الإنتاج”.
ويضيف الحسن لهسبريس: “قرار الداخلية موضوعي، لكن على مستوى الشكل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة، فالجنوب الشرقي معروف بأن مياهه التي تأتي من جبال الأطلس متوجهة إلى الجارة الجزائر، وإذا لم يتم استغلالها فستذهب لغيرنا”.
وأوضح المهني في القطاع أن “زراعات ‘الدلاح’ أعطت انتعاشة مهمة على مستوى اليد العاملة في منطقة طاطا، ما يعني أنها وصلت إلى مستويات مهمة، وذلك قبل قرارات المنع”، مشيرا إلى أن “المطالب هنا تذهب في اتجاه واحد، وهو تقنين جميع الزراعات بدون استثناء، حتى يتم الحفاظ على الفرشة المائية”.
وبين المتحدث ذاته في هذا الصدد أن “زراعات مثل البطاطس والبصل والطماطم تستهلك كميات من المياه أكبر مما يستهلكه ‘الدلاح’، وليس كما يعتقد جل المغاربة في الوقت الحالي”.
كما أبرز الحسن أن “زراعات ‘الدلاح’ لم تعد تجذب المهنيين في منطقة طاطا منذ قرارات المنع، وما يوجد منها حاليا هو قبل المنع”، مردفا: “قرار الداخلية رغم كونه متأخرا إلا أن الجميع سيلتزم به. وما نريده حقا هو وضع مقاربة شاملة لهاته المعضلة، تشمل أيضا دراسة السوق، لأن منع المياه عن زراعات كالبطاطس أو الطماطم يهدد الأمن الغذائي للمغاربة”.
واستغرب المهني في القطاع “تزامن هاته الإجراءات مع وجود تراخيص لزراعة النخل بمنطقة طاطا، رغم خطورة الأمر على مخزون فرشات المياه، الأمر الذي يستدعي حقا وجود مقاربة جديدة لا تقتصر على المنع”.
جل الزراعات مستنزفة
الحسين، مهني بقطاع الفلاحة بمنطقة زاكورة، أوضح أن “زراعة ‘الدلاح’ هنا متواصلة رغم قرارات المنع، ما يعني أن ما تقوم به الداخلية غير كاف ومتأخر”.
وأورد الحسين لهسبريس أن “قرار وزارة الداخلية مهم من أجل الحفاظ على الفرشة المائية، لكن هنالك نقاطا مطروحة للنقاش، مثل نقص السدود في المنطقة، التي يمكن أن توفر مخزونا من المياه، وتمنع خسارته وتدفقه تجاه الجارة الجزائر”.
وبين المهني في القطاع الفلاحي أن “الحديث عن ‘الدلاح’ أو الأفوكا كزراعات مستهلكة للماء هو في الأصل لا يلقي الضوء جيدا على وجود زراعات أخرى مهمة بالنسبة للمغاربة، كالبطاطس والبصل والطماطم، وأيضا النخل”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “زراعات القمح بالمنطقة هي الأخرى تستهلك نسبا خيالية من الماء، وتمتد لشهور طويلة، عكس ‘الدلاح’ الذي يعرف استهلاكا كبيرا للمياه في شهر أبريل فقط”.
وفي زاكورة يضيف الحسين أن “الوضع لا يؤثر على الفلاح طالما يوجد تقنين لاستخدام المياه عوض المنع، وهو أمر مناسب وإيجابي للغاية”، مشيرا إلى أن “اتخاذ أي إجراء متعلق بالمنع، وحتى ما جاء في مراسلة لفتيت يوم أمس، يجب أن يتم بعد بناء سدود جديدة بالمنطقة”.
وحول المراسلة شدد المتحدث سالف الذكر على أنه “بهذا المنطق فإن أي زراعة سنقوم بها في الجنوب الشرقي عموما يجب أن نستشير الوزارة المعنية، لأن كل المنتجات تستهلك المياه بقوة”.
المصدر: وكالات