توصيات مهمة ومقترحات بارزة خلُصت إليها الدراسة الحديثة التي جرى بسط وتدارس نتائجها بتمعّن أمس الأربعاء بالرباط، ضمن ندوة “الأحداث في نزاع مع القانون: الواقع المؤسساتي ومتطلبات الإصلاح”، بمشاركة فاعلين وخبراء قانون مختصّين ومحامين؛ فضلا عن ممثلي مؤسسات عمومية وطنية متدخلة في رسم منظومة “عدالة الأحداث” بالمغرب.
الدراسة الصادرة ضمن كتاب (من 142 صفحة) أشرَف على إنجازها فريق مشترك من 5 خبراء مغاربة وأجانب من “مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية”، بتعاون مع “مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن” (ديكاف DCAF)، ووضعت “مشاكل غياب إطار قانوني واضح، والاكتظاظ، وقلة الموارد البشرية”، في صدارة المشاكل المزمنة التي تعاني منها مراكز حرمان الأحداث من الحرية في المغرب، وهو ما يؤثر سلباً على “جودة الخدمات المقدمة للأطفال الأحداث المتابَعين في قضايا مختلفة”.
وبين “توصيات عامة” وأخرى قاربَت جوانب موضوعية تخص “إصلاح المقتضيات القانونية الناظمة لعدالة الأحداث”، توزعت خلاصات الدراسة التي حصلت جريدة هسبريس على نسختها الكاملة.
توصيات عامة
قال فريق الخبراء الذي أشرف على إنجاز هذه الدراسة إن “مكوناتها أبانت أن نجاعة الإجراءات المرتبطة بعدالة الأحداث، في أفق إعادة إدماج الحدث في نزاع مع القانون أو في وضعية صعبة، متوقِّفةٌ على سياسة عمومية متكاملة تخص هذه الفئة برعاية ودعمٍ يستجيبان لخصوصياتها داخل المجتمع”.
وفي أفق “تجويد القوانين والممارسة ذات الصلة بها، وتذليلًا للصعوبات التي تواجه الضمانات الحمائية سارية المفعول”، جاءت أبرز التوصيات العامة للدراسة مطالِبةً بـ”إعادة النظر في الفلسفة الموجِّهة لمفهوم العقوبة ودور مؤسسات الحرمان من الحرية بالنسبة للأحداث، بما يتماشى وبناء رؤية متكاملة للسياسة الجنائية ويتجاوب مع الالتزامات الدولية للمغرب، والمقتضيات الجديدة التي أتى بها دستور 2011 في هذا الباب”.
كما دعا الخبراء أنفسهم إلى “إنشاء مرصد إحصائي لانحراف الأحداث في جميع مراحل السلسلة الجنائية على المدى الطويل، مع نشر مؤشرات سنوية عامة ومفصَّلة”، مثيرين مسألة “إجراء دراسات أكثر تفصيلاً حول العَوْد، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً القاصرين الذين كانوا موضوع إجراءات بديلة للمتابعة أو إجراءات تربوية، لتكوين فكرة أفضل عن فعالية التتبع القضائي للأحداث الجانحين”.
كما أوصت الدراسة بـ”إنشاء آلية داخلية لمراقبة وتقييم ظروف احتجاز الأحداث، مع القيام بزيارات منتظمة إلى المؤسسات الإصلاحية ومراكز حماية الطفولة، واضطلاع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الخاصة بالطفل وباقي الجهات المعنية بالموضوع، والموكول لها قانونيا ذلك، بأدوارها بشكل منتظِم ومتواصل، وتعميم النتائج للنهوض بهذا القطاع”، منادية بـ”إعداد تقارير سنوية عن حالة الأحداث في نزاع مع القانون وفي وضعية صعبة”.
مقتضيات قانونية خاصة
بخصوص”المقتضيات القانونية الناظمة لعدالة الأحداث”، قاربت مقترحات دراسة المركزَيْن 5 جوانب أساسية، وفق ما طالعته جريدة هسبريس الإلكترونية؛ وتهمّ “الاحتفاظ بالحدث أو اعتقاله احتياطياً”، ثم ملاحظة “عدم تحديد مدة الاعتقال الاحتياطي”، قبل أن تثير إشكالية “تعويض أو إضافة عقوبات حبسية أو مالية وأسبقية تنفيذ العقوبة الحبسية” (إشكاليَتان في مقتضيات المادة 482 من قانون المسطرة الجنائية).
“تعزيز نجاعة البناء المؤسساتي لقضاء الأحداث” مقترح آخر بسطته الدراسة، مشددة على “صعوبة تنفيذ التدابير” (تسليم الحدث إلى العائلة، صعوبة مندوب الحرية المحروسة في أداء مهامّه، صعوبة استقبال المؤسسات التربوية لفئة من الأحداث، عدم وجود بديل لتطبيق الإجراءات الإصلاحية).
وخُتمت التوصيات بتضمين مقاربة شاملة لامست “جوانب التربية والصحة وتدبير مراكز حماية الطفولة والبنيات”.
المصدر: وكالات
