احتفاء وتخليد لمناسبة “اليوم الوطني للسجين” حضر في شكل فعالية فنية احتضنها المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، مساء الخميس 14 دجنبر، وسَهِرت على تنظيمها، بشكل مشترك، كل من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، احتفالًا بهذا اليوم المنظم هذه السنة تحت شعار “زلزال الحوز بأعين السجناء.. تضامن وإدماج”.
هذا الحفل، الذي حضرته شخصيات رفيعة من مؤسسات وطنية، تقدَّمَها محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومحمد دردوري، الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فضلا عن ممثلين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وباقي المتدخلين في منظومة العدالة والعقاب، استُهل بأداء النشيد الوطني في جو حماسيّ غلبت عليه “روح تمغربيت”، التي ارتفعت أسهمُها بقوة عقب الزلزال الأليم في الثامن من شتنبر الماضي.
وعلى هامش الحفل، عاينت جريدة هسبريس الإلكترونية عملية استقبال المدعوّين إلى هذا الحفل، وقيامهم بزيارة طافَت حول لوحات معرض الفن التشكيلي المُقام برواق العرض في ردهات مسرح محمد الخامس على هامش هذا النشاط؛ وهي لوحات جمعت إبداعات عديدة بأنامل نزلاء ونزيلات المؤسسات السجنية الوطنية حول موضوع “زلزال الحوز بألوان السجناء”.
وفي كلمة ترحيبية مقتضبة باسم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، عبّر مُقدّم الحفل عن إحساس جامح بالفخر والاعتزاز ما فتئ أن حرّك شعور الانتماء والحس الوطني لدى نزيلات ونزلاء مغاربة “أبَـوْا إلاّ أن يُقدّموا ويستعرِضوا هذه المشاهد التعبيرية الإبداعية تضامناً منهم، بطريقتهم، مع ضحايا زلزال الأطلس الكبير”.
وسجلت الكلمة ذاتها أن “اليوم الوطني للسجين يُخلَّد هذا السنة موسوماً بنكهة التضامن والإدماج، كما يحيل على ذلك عنوان هذه الأمسية الثقافية الترفيهية بحضور أفراد من أسَر وعائلات النزلاء والنزيلات”.
الحفل الذي دام حوالي ساعة ونصف الساعة، تخللته، وفق ما تابعت جريدة هسبريس، “مشاهد تعبيرية مُمَسْرَحة” أدّتْها بجدارة واقتدار كبيريْن مواهبُ شابة (ذكورا وإناثاً) مختلفة أعمارها، وتنتمي إلى فئة من الساكنة السجنية بالمغرب.
هذه الفقرات التي تخللت المشاهد التعبيرية المسرحية المؤداة، جاءت في قالب “حكواتي- سَرْدي” متمحورة حول موضوع زلزال الأطلس الكبير وتضرر ساكنة أقاليمه، مع إبراز وتجسيد وإعادة تشكيل مسرحي لجهود التدخل التي قادتْها مختلف السلطات العمومية بالمغرب، من وقاية مدنية وقوات مسلحة وأمن، فضلا عن الأطر الصحية.
كما جاءت الفعاليات الفنية ممثلة في “قراءات شعرية تضمنت إلقاءات من على الخشبة بمختلف اللهجات المغربية، مجسدة غنى الثقافة المغربية الأصيلة المعبرة عن التضامن الذي أعربت عنه ساكنة الحواضر مع ساكنة القرى والجبال المتضررة.
وأدت فرَق موسيقية مشكلة من شباب وشابات نزلاء ونزيلات مؤسسات سجنية مغربية مقاطع “كورال” تضمّن أغاني مغربية تنشد الحس الوطني العالي، وسط أداء “رقصات تعبيرية”؛ وهي فعاليات وعروض فنية ترفيهية موسيقية نالت استحسان الحاضرين وتصفيقاً متكررا من الجمهور الذي تشكل في أغلبه من عائلات السجناء والسجينات.
“العقوبة لا تمنع الإبداع”
في تصريح لهسبريس على هامش الحدث، قال مولاي إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إن “اليوم الوطني للسجين يعد محطة سنوية يتم الاحتفال فيها بالمجهودات التي تم بذلُها من طرف المندوبية على مختلف الأصعدة”، مسجلا أن ذلك يندرج في إطار مهامها إنْ على مستوى حفظ الأمن والنظام أو لوجيستياً أو التأهيل أو على صعيد الموارد البشرية وغيرها من مجالات تدبير الاعتقال”.
وأضاف أكلمام أن مناسبة اليوم الوطني مناسبة يتم فيها تتويج السجناء المتميزين، والاحتفاء بإنجازاتهم وعطاءاتهم في مختلف المجالات الثقافية والتربوية والدينية والتكوينية والرياضية”، مشيرا إلى أن “الموضوع المختار لهذه السنة هو زلزال الحوز في أعين السجناء بمثابة تضامن وإدماج”، لأنه “مناسبة للتعبير عن تضامنهم من خلال أشكال فنية متعددة عبر لوحات تشكيلية وقصائد زجَلية وغنائية وكذا إبداعات غنائية أداء وتجسيدا لمشاهد مُمسَرحة”.
وخلص في معرض تصريحه إلى أن “هذا اللقاء فرصة للنزلاء للقاء بالمجتمع والعالم الخارجي من خلال منصة المسرح الوطني، بحكم حضور عدد غفير من الناس لهذا الحفل”، مما يؤكد، حسب المسؤول ذاته، “المجهودات المبذولة للقضاء على الصورة النمطية والوصم الذي تعاني منه هذه الفئة من المجتمع المغربي”.
بدوره لفَت عبد الواحد جمالي الإدريسي، المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إلى أن “المؤسسة إلى جانب مندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج، باعتبارها الفاعل الأساسي ذا الاختصاص الأصلي، تضمَنان إحياء وتخليد اليوم الوطني للسجين، الذي يجعل نزيل الفضاء السجني مرتبطاً بما يقع داخل المجتمع، موصولاً بقِيَمِه، بأفكاره، كما يكون معبّراً عن إحساسه تجاه الجماعة كفردٍ فاعل”.
وأكد المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “العقوبة تطال الحرية ولا تمس باقي الحقوق الأخرى، التي تكفل له أن يكون فاعلاً اجتماعيا متطلعاً إلى مستقبل مشرق خلف أسوار المؤسسات السجنية”، خاتما تصريحه بالقول إن “الحفل هو ثمرة البرامج الإدماجية، ونحن هنا لنَستمِع إلى النزيل وآرائه وإبداعاته التي لم تمنعه منها العقوبة وتضمنها له حقوقه التي تحرص المندوبية وشركاؤها على احترامها”.
المصدر: وكالات