شكّل إعلان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن إجراء مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين للتوظيف في الدرجة الثانية فرصة لتتبنى فعاليات نقابية كثيرة مجددا مطلب “الرفض القاطع والمطلق” لشرط السن المحدد في 30 سنة عند تاريخ إجراء المباراة، باعتباره “شرطا غير دستوري، ولم يسفر سوى على إقصاء وحرمان فئات عريضة من الشباب المغربي من حق خوض المباراة التعليمية”، وفق الفعاليات ذاتها.
المنظمة الديمقراطية للشغل طالبت، في بيان، كلا من عزيز أخنوش، رئيس الحكُومة، وشكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بإلغاء قرار تسقيف سن مباريات التعليم.
كما دعت النقابات التعليمية، المشاركة في الحوار اليوم الاثنين، إلى الترافع بخصوص تعديل المادة الـ42 من مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية لموظفي التعليم.
واعتبرت الجهة عينها، في بلاغ توصلت به جريدة هسبريس، أن “تسقيف سن المباراة تعسفي وجائر يتنافى كلية مع النص الدستوري المتعلق بمبدأ المساواة لولوج الوظيفة والقانون العام للوظيفة العمومية، خاصة المرسوم رقم 349-02-2 الصادر في 27 من جمادى الأولى 1423 (7 غشت 2002) والمتعلق بتحديد السن الأقصى للتوظيف ببعض أسلاك ودرجات الإدارات العمومية والجماعات المحلية”.
علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، قال، في تصريح لجريدة هسبريس، إن “المادة الأولى من المرسوم المذكور تشير صراحة إلى أنه “يرفع إلى 45 سنة حد السن الأقصى للتوظيف المحدد في 40 سنة بموجب بعض الأنظمة الأساسية الخاصة بموظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية”؛ وهو ما يؤكد أن قرار شكيب بنموسى انزاحَ عن الأصل الذي كان ولا يزال معمولا به في التوظيف بالمغرب لأزيد من عشرين سنة ولم يتم تغييره”.
في السياق ذاته، سجل لطفي أن “هذا القرار المتعلق بتسقيف السن ارتجالي وظالم وغير دستوري”، لافتا إلى أنه “ليست هناك معطيات علمية حقيقية تبين أن الذين يقلون عن سن الثلاثين أكثر كفاءة ممن تجاوزوا هذا السقف”، وزاد: “هذا القرار أغلق الباب على آلاف الشباب الذين لهم شهادات تعليمية بامتياز مثل الفلسفة والتاريخ…، بمعنى أنه لا بديل لهم عن التعليم؛ وهذا ما عرض حملة هذه الشواهد للبطالة أمام انسداد الأفق، خصوصا أن القرار لم تصاحبه بدائل أخرى، رغم أنه قرار في الأصل غير مقبول”.
وأضاف المتحدث عينه أن “هذا القرار لم يكن مبنيا جيدا، ولم يقدم حتى الآن مبررات موضوعية يمكن أن نُخضعها للنقاش؛ فحتى من ناحية صندوق التقاعد فهذا لن يخفف من وطأة العجز الذي يعانيه”، مؤكدا أن “النقابات التعليمية، التي تجلس على طاولة الحوار مع الحكومة، لا بد أن تتحلى بالجرأة والشجاعة لكي تترافع على التراجع فورا عن هذا التسقيف قبل إجراء المباراة المقبلة، وإلا سنكون أمام وضعي كارثي تتعرض فيه آلاف الطاقات الحية للإقصاء”.
من جانبه، قال عبد الله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التي تم إبعادها من الحوار القطاعي، إن “هذا المطلب ليس هناك أي مبرر لكي يغيب عن محتويات الحوار مع اللجنة الثلاثية التي شكلها رئيس الحكومة لمتابعة ملف التعليم؛ بل حضوره واجب”، مبرزا أن “جميع الجهات الحية بالمغرب ناضلت، منذ إعلان التسقيف، من أجل التخلي عنه بوصفه عملا تخريبيا للمجال التعليم ولا معنى ولا أساس له، كما أنه لا يفيد القطاع لكونه يكرس التمييز”.
وأكد غميميط، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “هذا القرار يحرم بشكل صريح ومعلن الأشخاص الذين تقاتلوا لسنوات جامعية عديدة وحصلوا على شهادات جامعية عليا من ولوج الوظيفة التعليمية، كما أنه يضرب حقهم في التشغيل في زمن ملتبس تشهد فيه المناصب المالية المحدثة سنويا في القانون المالي ضعفا واضحا”، مشيرا إلى أنه “من الناحية العملية حتى اليوم لا نعرف ما الذي استفادته المنظومة التعليمية من هذا القرار بعد تفعيله”.
وأفاد المتحدث عينه بأن “هناك العديد من الطاقات الشابة المتميزة التي تجاوزت الثلاثين وحلمها ممارسة مهنة التدريس النبيلة، فهل السن يمكن أن يعتبر مبررا لإبعادها عن الحلم إذا كانت تستحقه عن جدارة وتتمتع بالكفاءة لممارسته؟”، تساءل غميميط، الذي ختم قائلا: “تسقيف السن يضر بتكافؤ الفرص والمساواة ولا يتيح إمكانيات واسعة للتنافس، ولو حضرنا ضمن الحوار القطاعي فلن ندخر جهدا للدفاع عن الحق في الشغل والعودة إلى اعتماد السن الأقصى المحدد في 45 سنة”.
المصدر: وكالات