دكا/ نجموس سكيب/ الأناضول
ـ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زار بنغلاديش الخميس والجمعة بينما يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى دكا الأحد
* الأكاديمي شهاب إنعام خان للأناضول:
– زيارة لافروف جاءت قبل أشهر من الانتخابات وتمثل عرضا مهما لدعم رئيسة الوزراء الشيخة حسينة
– باريس يمكنها أن تقدم لبنغلاديش المنتجات والتكنولوجيات الدفاعية، بينما ستحرص دكا على تنويع صادراتها وجذب الاستثمارات الفرنسية خلال زيارة ماكرون
* الباحث مستفذ رحمان للأناضول:
– بنغلاديش يجب أن تضغط من أجل المزيد من الاستثمارات الروسية في المناطق الاقتصادية المحلية
– بنغلادش يجب أن تتحرك بحذر بشأن السداد باليوان الصيني خاصة وأن ليس لديها الكثير من التجارة مع روسيا
في الفترة الحالية، تنشغل بنغلاديش بحدثين استثنائيين يتمثلان باستقبال زائرين دوليين رفيعي المستوى، لدرجة أنهما يمنحانها نوعًا من الاهتمام العالمي الذي ترغب فيه أي دولة.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي حل ضيفًا على العاصمة دكا، الخميس والجمعة الماضيين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي من المقرر أن يصلها الأحد.
يعدّ لافروف، أول مسؤول روسي كبير يزور بنغلاديش منذ استقلالها عام 1971، أي قبل أكثر من خمسة عقود، في حين سيكون ماكرون، أول رئيس فرنسي يزور الدولة الواقعة في جنوب آسيا منذ 33 عاما.
وينظر المحللون إلى الزيارتين كمؤشر على النفوذ الجيوسياسي المتنامي لبنغلاديش في المنطقة، وفرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية غير متوقعة، ودعما كبيرا لحكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، قبل الانتخابات العامة في يناير/كانون الثاني 2024.
ـ حليف جيوسياسي متوازن
شهاب إنعام خان، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جهانغيرناغار في دكا، يرى في حديث مع الأناضول أن هذا الطريق “ذو اتجاهين”.
وقال إنعام خان، إن زيارة لافروف، جزء من التواصل الروسي الجيوسياسي، حيث تتطلع إلى بناء تحالفات للتغلب على العزلة التي الدولية التي فرضت عليها بعد الحرب الأوكرانية.
وأضاف أن “العامل الرئيسي في ذلك موقف دكا المحايد بشأن هذا الصراع”.
إنعام خان، أشار إلى أن بنغلاديش أصبحت “حليفًا جيوسياسيًا مهمًا لروسيا”، في حين أن موقف عدم الانحياز يعد أيضًا عاملاً مهمًا لدول أخرى مثل تركيا والولايات المتحدة.
وشدد على أن هذا “لا يعني أن دكا تغيّر تحالفاتها مع الغرب، وخاصة واشنطن”.
وقبل أيام فقط من وصول لافروف، عُقد في دكا الحوار الأمني التاسع بين بنغلاديش والولايات المتحدة، حيث ركزت المحادثات “على الجهود المبذولة لتوسيع الشراكات في مجال المساعدات الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث، وحفظ السلام، والتجارة الدفاعية، والتعاون العسكري، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن الأمن البحري والقضايا الإقليمية”، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال إنعام خان، إن بنغلاديش تلعب دورا في “عملية التوازن على مستوى العالم”، بينما تظهر أيضًا “التزامها تجاه التعددية واحترام المعايير العالمية”.
ـ مخاوف انتخابية
تشكل الانتخابات المرتقبة العام المقبل في بنغلاديش، قضية خلافية، فيما تسعى حسينة، وحزبها “رابطة عوامي”، الذي يتولى السلطة منذ 2008، للفوز بولاية رابعة على التوالي.
في المقابل، تتهمها المعارضة بممارسة أساليب قمعية، كما أثارت مخاوف من أن الانتخابات لن تكون نزيهة وشفافة، وهي الاتهامات التي تنفيها الحكومة.
وانخرطت القوى الدولية في النقاش بشأن هذه القضية، حيث ضغطت الولايات المتحدة وحلفاؤها على حكومة حسينة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، فضلاً عن معالجة المخاوف المتزايدة بشأن حقوق الإنسان في البلاد.
من ناحية أخرى، تعد روسيا من بين الدول القليلة التي تدعم الحكومة الحالية، وتنتقد “تدخل” الغرب في الشؤون الداخلية لبنغلاديش.
ورأى إنعام خان، أن “زيارة وزير الخارجية الروسي هذه مهمة لأنها تأتي قبل أشهر من الانتخابات”، ووصفها بأنها “عرض مهم لدعم حسينة”.
واعتبر أن “هذا يظهر أيضًا التزام موسكو تجاه دكا”، وأنها تريد أن تكون جزءًا من التنمية والدفاع في بنغلادش وحليف مهم بشكل عام”.
– دور الاقتصاد
هناك أيضا العامل الاقتصادي، الذي يقول الخبراء إنه لا يقل أهمية عن جميع المخاوف الجيوسياسية الأخرى.
وتمثل كل من روسيا وفرنسا أسواقا جديدة لمنتجات بنغلاديش، بما في ذلك الملابس الجاهزة، وهي إحدى الدعائم الأساسية لاقتصادها.
وقال إنعام خان، إن “مكانة فرنسا في المجموعات العالمية غير واضحة، لديها علاقة معقدة مع الغرب وفي التحالفات الأخرى، كما أنها فقدت مكانتها في مستعمراتها الإفريقية السابقة، لذا فهي تبحث عن سوق جديدة للتجارة”.
وأضاف “باريس يمكنها أن تقدم لدكا المنتجات والتكنولوجيات الدفاعية، بينما ستحرص بنغلاديش على تنويع صادراتها وجذب الاستثمارات الفرنسية”.
وبالنسبة لروسيا، فإن حجم التجارة الثنائية مع بنغلاديش يبلغ نحو 1.5 مليارات دولار، وفقاً لـ”مستفذ رحمان”، الزميل المتميز في مركز حوار السياسات، الذي يتخذ من دكا مقراً له.
ومؤخرًا، بدأت بنغلاديش تصدير الملابس الجاهزة إلى روسيا، لكن ذلك تعطل بسبب العقوبات الأمريكية على الأخيرة.
وقال مستنفذ، إنه بعد زيارة لافروف، يتعين على بنغلاديش أن تحاول إيجاد طريقة لتجاوز تلك العقوبات فيما يتعلق بالتجارة مع روسيا.
وأضاف أنه يمكن للشركات البنغالية بعد ذلك محاولة التوسع في السوق الروسية، بما في ذلك قطاع الملابس.
وقال إن “بنغلاديش يجب أن تسعى أيضًا إلى الوصول إلى الأسواق المعفاة من الرسوم الجمركية، والضغط من أجل المزيد من الاستثمارات الروسية في المناطق الاقتصادية المحلية”.
وتساعد روسيا بالفعل بنغلاديش في بناء أول محطة للطاقة النووية في منطقة روبور، (160 كلم شمال غرب دكا)، باستثمار قدره 12.65 مليار دولار، وتمويل ما يصل إلى 90 بالمئة من التكلفة الإجمالية على شكل ائتمان (قرض).
وبسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا نتيجة حربها على أوكرانيا، منعت بنغلاديش في ديسمبر/كانون الأول 2022، دخول سفينة روسية كانت تحمل معدات للمحطة النووية.
وخلال زيارته لدكا، أثار لافروف، مسألة العقوبات الأمريكية التي تعطل سلسلة التوريد لمشروع الطاقة النووية، وقال إن موسكو تتحرك بسرعة لإيجاد خيارات بديلة، مشددا على أن المشروع الروسي الرائد “سيستمر بطريقة متسقة”.
ومن المشاكل الأخرى التي تعترض المشروع، سداد التمويل الروسي الذي تحاول بنغلاديش تسويته باليوان الصيني بدلا من الدولار.
وقال مستنفذ، إن بنغلادش “يجب أن تتحرك بحذر بشأن السداد باليوان، خاصة وأن ليس لديها الكثير من التجارة مع روسيا”.
مع ذلك، انخفضت الاحتياطيات بالدولار لدى البنك المركزي في بنغلاديش من 48 مليار دولار إلى 29 مليار دولار في العامين الماضيين فقط.
بالنسبة لمستنفذ، فإن أي اتفاقيات يتم التوصل إليها مع روسيا وفرنسا، لن تكون كافية لتوفير فترة راحة كبيرة لاقتصاد بنغلاديش المتعثر.
ولفت إلى أن التقلبات الاقتصادية في بنغلاديش، مع ارتفاع معدلات التضخم، وتراجع تدفق التحويلات، لا يمكن معالجتها إلا من خلال إصلاحات كبيرة ونموذج أفضل بكثير للحكم.
وتحتل بنغلاديش المرتبة الثامنة عالميا من حيث تدفق تحويلات عمالها في الخارج، والتي بلغت 21.8 مليار دولار عام 2020.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات