القدس / عبد الرؤوف أرناؤوط / الأناضول
– آلاف من ضباط وجنود احتياط أعلنوا تعليق الخدمة التطوعية رفضا لمشاريع قوانين “الإصلاح القضائي” المثيرة للجدل والتي تدفع بها حكومة نتنياهو
– المحلل آفي يسسخاروف: ليس من الواضح مستوى التأثير على الجيش ولكنه بالتأكيد موجود وسيكبر بمرور الوقت وزيادة عدد المحتجين
– الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية تامير هايمن: العاصفة تخترق قواعد الجيش من المجال المدني السياسي، ويجب التعامل معها في بؤرة تشكيلها
– نتنياهو ليس قلقا على جاهزية الجيش ويصدر تعليمات لرئيس الأركان بالحفاظ على الكفاءة والاستعداد
– زعيم المعارضة يائير لابيد يعتبر تعليمات نتنياهو “محاولة مخزية وجبانة للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الجيش وقادته”
يجادل مسؤولون في المعارضة وقادة عسكريون إسرائيليون بأن الاحتجاجات على قوانين التعديلات القضائية التي تدفع بها الحكومة باتت تلقي بظلالها على جاهزية الجيش، لكن الحكومة تحاول التقليل من شأن التداعيات.
ومنذ بدء الاحتجاجات مطلع العام الجاري على هذه القوانين التي تسميها الحكومة “إصلاحات” فيما تقول المعارضة إنها “ستحول إسرائيل إلى ديكتاتورية”، أعلن الآلاف من ضباط وجنود الاحتياط من مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية تعليق خدمتهم التطوعية، غير أن الظاهرة أخذت بالازدياد في الأسابيع الأخيرة.
ومع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المضي قدما في إقرار حزمة القوانين رغم الاحتجاجات ضدها، بدأت تتعالى أصوات من داخل المؤسستين العسكرية والأمنية بضرورة وقف التشريعات، مما أخرج خلافات نتنياهو وقادة في المؤسستين إلى العلن.
وخلال الأيام الأخيرة، برزت خلافات بين نتنياهو وحكومته من جهة وقادة في الجيش والمعارضة من جهة أخرى حول تقييم تأثيرات تعليق ضباط وجنود احتياط للخدمة على جاهزية الجيش، فبينما يحذر قادة عسكريون من التداعيات يفضل نتنياهو ألا تتحدث المؤسستان العسكرية والأمنية عن مدى جاهزيتهما لمواجهة التحديات.
وفي ذروة الخلاف، وجد قادة بالجيش، على رأسهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس سلاح الجو تومر بار، أنفسهم في مواجهة انتقادات حادة من داخل الحكومة ومؤيديها، وصلت حد إعادة يائير نتنياهو نجل رئيس الوزراء نشر تدوينة للصحفي اليميني إيريز تدمر كتب فيها إن هاليفي “سيُذكر على أنه أكثر رئيس أركان فاشل في تاريخ الجيش الإسرائيلي”، قبل أن يحذفها إثر انتقادات.
وتناولت محطات تلفزة إسرائيلية، بينها القناتان 12و13 (خاصة)، تفاصيل اجتماع ومكالمة “عاصفة” بين نتنياهو من جهة وهاليفي وبار من جهة أخرى بداية الأسبوع الجاري.
تأثير متزايد
المحلل الإسرائيلي في صحيفة “يديعوت احرونوت” آفي يسسخاروف قال للأناضول: “من الواضح أن هناك تأثير لاحتجاجات ضباط وجنود الاحتياط على الجيش، ليس من الواضح ما هو مستوى التأثير ولكنه بالتأكيد موجود، خاصة فيما يتعلق باحتجاجات الطيارين الاحتياط”.
وأضاف أن “هذا التأثير يكبر مع مرور الوقت وزيادة عدد المحتجين، فالجيش بدأ يلمس هذا التأثير وسيزداد أكثر فأكثر في الأشهر القادمة في حال استمرت الاحتجاجات”.
يسسخاروف تابع: “السؤال هو: إلى أين ستتجه الأمور في حال أصرت الحكومة على الدفع بمشاريعها تحت مسمى الإصلاح القضائي؟”.
وأردف أن “نتنياهو لا يريد أن يقول قادة في الجيش أي شيء بوسائل الإعلام عن وضع الجيش، فمن الواضح أن ما يقوله الجيش بات له تأثير على الاحتجاجات”.
واعتبر أنها “محاولة للتأثير على الجيش والمخابرات للصمت وإطاعة كل ما تقوله الحكومة ورئيسها، ولكن هذا غير مسبوق في إسرائيل، فدائما ما كان الجيش والمخابرات مستقلين وإذا ما تواجدت مشكلة يتحدثان عنها، وهذا ما يحدث الآن وأزعج نتنياهو وحكومته”.
والحكومة انتقدت حديث الجيش والمخابرات عن تأثير احتجاجات ضباط وجنود الاحتياط على تأثر جاهزية الجيش، معتبرة أنه “يفيد أعداء إسرائيل”.
وقال يسسخاروف: “صحيح أن أعداء إسرائيل قد يستفيدون من المعلومات، ولكن ما يقوله رئيس الأركان وقائد سلاح الطيران ليس مبالغة، فهما يشخصان الوضع كما هو، وأعتقد أن من واجبهما أن يشرحا الوضع للناس إذا كانت الحكومة مصممة على مواقفها”.
وعادة ما تقصد إسرائيل بكلمة “الأعداء” جماعات المقاومة الفلسطينية وإيران وحلفائها، ولاسيما جماعة “حزب الله” اللبنانية.
الجيش يخسر
ومشددا على أن “الجيش الإسرائيلي يخسر”، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات في الجيش تامير هايمن، في بيان حصلت الأناضول على نسخة، إنه لا رابح من المواجهة الراهنة بين الحكومة والرافضين لتعديلات القضاء.
وانتقد إصدار نتنياهو تعليماته لوزير الدفاع يوآف غالانت بوقف حديث المسؤولين العسكريين عن جاهزية الجيش، معتبرا أن “الحل ليس في تعليمات للقادة، فالعاصفة تخترق قواعد الجيش من المجال المدني السياسي، ويجب التعامل معها في بؤرة تشكيلها”.
ومنتقدا تلك التعليمات أيضا، قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية “آمان” عاموس جلعاد لإذاعة الجيش إنه “ليس من المؤكد أن التعليمات قانونية.. ويجب أن نحذر ونشارك رئيس الوزراء مخاوفنا”.
ضربة قاتلة
أما مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي، فرفض في حديثه مع إذاعة الجيش الإثنين، التعليق مباشرة على ما إذا كانت جاهزية الجيش قد تضررت.
وقال هانغبي: “لسنا الوحيدين على المحك، يجب ألا ينكشف ذلك لآذان أعدائنا”، مشيرا بذلك إلى تقارير تقول إن “أعداء إسرائيل يستمدون التشجيع من الأحاديث عن تراجع جاهزية الجيش من أجل وضع الخطط لمهاجمة البلاد”.
لكن هايمن قال في تصريحه إن “المشكلة لا تكمن في الخطاب الذي يضعفنا أمام أعدائنا، بل في تداعي التلاحم وضعف اللياقة وعدم وجود دافع للتطوع، مما سيؤدي إلى ضربة قاتلة إذا تم تمرير قانون الإعفاءات العسكرية،” في إشارة الى مشروع قانون تدفع به الحكومة لإعفاء المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية للتفرغ لدراسة الدين.
وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان، إنه بعد لقاء نتنياهو مع غالانت وهاليفي الأحد: “أمر رئيس الوزراء بالحفاظ على لياقة الجيش واستعداده لمواجهة أي تحدٍ، واتفق المشاركون في الاجتماع على ضرورة ترك الخلافات والسياسة خارج الجيش”.
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد رد على البيان في تغريدة قائلا: “إعلان رئيس الوزراء نتنياهو أنه أصدر تعليمات لرئيس الأركان بالحفاظ على كفاءة واستعداد الجيش هو محاولة مخزية وجبانة للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الجيش وقادته”.
وأضاف أن “الضرر الذي لحق بكفاءة الجيش هو نتاج مباشر لشيء واحد، هو الانقلاب المدمر الذي قادته حكومة نتنياهو”، في إشارة إلى قوانين تعديل القضاء.
وتابع: “إذا كانت كفاءة الجيش الإسرائيلي واستعداده للحرب مهمين للحكومة، فكل ما يحتاج نتنياهو أن يفعله هو التخلي عن التشريعات التي تفكك المجتمع والاقتصاد والجيش من الداخل. عندها فقط سيكون من الممكن البدء في إعادة بناء الثقة والكفاءة”.
لكن نتنياهو ما زال على قناعته بأنه ليس قلقا بشأن استعداد الجيش للحرب وسط تهديدات متزايدة من قِبل جنود الاحتياط برفض العمل التطوعي.
وللأسبوع الـ33 على التوالي تواصلت الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل على قوانين التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
وفي 24 يوليو/ تموز أقر الكنيست (البرلمان) مشروع قانون “الحد من المعقولية” ليصبح قانونا نافذا رغم اعتراضات محلية وأخرى خارجية لاسيما من الولايات المتحدة.
و”الحد من المعقولية” هو واحد من 8 مشاريع قوانين تطرحها الحكومة تحت ما تُسميه “إصلاحات قضائية”، للحد من صلاحيات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) في مراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وتعتبر المعارضة تلك القوانين “انقلابا على الديمقراطية”، بينما تقول الحكومة إنها تهدف إلى إعادة توازن مفقود منذ سنوات بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات