اسطنبول / ربيعة علي / الأناضول
مسؤول الإعلام ببرنامج الأغذية العالمي في أفغانستان فيليب كروبف للأناضول:
– الأسر غير قادرة على “شراء أصغر كمية من الطعام”
– لا توجد أزمة مجاعة تلوح في الأفق، لكن ثلث سكان أفغانستان بحاجة إلى مساعدات غذائية
– 15 مليون شخص لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
– الأطفال والأمهات الحوامل يتأثرون بسوء التغذية الحاد بشكل يتطلب تلقي الرعاية
قال مسؤول الإعلام في برنامج الأغذية العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، فيليب كروبف، إن ملايين الأشخاص في أفغانستان التي مزقتها الحرب، يعيشون وضعا غذائيا مأساويا، ليس بسبب نقص الإمدادات، ولكن نتيجة لعدم قدرة السكان على شراء ما يكفيهم من الغذاء.
جاء ذلك في مقابلة عبر الفيديو، أجرتها الأناضول مع كروبف حول تراجع الوضع الغذائي في أفغانستان، وحجم المساعدات التي يقدمها برنامج “الأغذية العالمي” للمحتاجين في البلاد.
وأضاف كروبف: “البلاد لا تعاني من عدم توفر الغذاء، بل من أزمة إمكانية الوصول إلى الغذاء، لأن الأسر لا تستطيع شراء حتى أصغر كمية من الطعام”.
وهذا ما تعاني منه نداء عزيزي (26 عاما)، وعائلتها المكونة من 7 أفراد في العاصمة الأفغانية كابل.
وقالت عزيزي للأناضول: “لا نستطيع شراء اللحوم أو الدجاج، والدي مريض ويحتاج إلى تناول الطعام بشكل أفضل، لذلك نشتري له كل بضعة أشهر كيلوغراما واحدا فقط من الدجاج”.
وعزيزي، التي فضلت عدم استخدام اسمها الحقيقي، حاصلة على درجة البكالوريوس، وعملت قبل عودة حركة “طالبان” إلى السلطة في 15 أغسطس/ آب 2021، فمنعت عمل النساء.
وأصبح شقيقها الذي يعمل مدرسا، المعيل الوحيد للأسرة، حيث يحصل على نحو 105 دولارات شهريا، يذهب جزء كبير منها لشراء الأدوية لوالدهم المصاب بسرطان الدم.
وانخفض وزن عزيزي من 52 كلغ إلى 38 كلغ، حيث قالت: “ليس لدينا ما يكفي من الطعام، مقارنة بما كان لدينا في الماضي”.
– أزمة الغذاء
ووفق كروبف، لا تواجه أفغانستان أزمة مجاعة تلوح في الأفق، إلا أن ثلث السكان لا يزالون في حاجة إلى المساعدات الغذائية.
وأوضح أن “نحو 15 مليون شخص لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، وهذا يعني أنهم يذهبون إلى الفراش جائعين ويستيقظون جائعين”.
وأكد أن “معظم الأشخاص استنفدوا مدخراتهم بعد فصلي شتاء قاسيين، واقتصاد كان على وشك الانهيار، فيما أدت أزمة المناخ ونقص الوظائف إلى تفاقم الوضع.”
وأردف أن العائلات، التي كانت على حافة الفقر خلال العامين الماضيين، لا تستطيع حاليا شراء الطعام من الأسواق.
وفي معرض وصفه للوضع الراهن، قال كروبف: “تستطيع الطبقة الفقيرة رؤية الفاكهة واللحوم في الأسواق، لكن ليس لديها المال لشرائها”.
وقال كروبف: “على وجه الخصوص، الأطفال دون سن الخامسة، والأمهات الحوامل والمرضعات، يتأثرون بسوء التغذية الحاد إلى درجة تتطلب التوجه إلى العيادات لتلقي الرعاية”.
– كثرة المشاكل
وحول أسباب عدم قدرة المواطنين تحمل تكاليف الغذاء في أفغانستان، قال كروبف إن “هناك العديد من الأسباب، مثل سيطرة حركة طالبان على البلاد قبل عامين، وتعثر الاقتصاد”.
ولفت إلى أن “قطاع البناء انهار إلى حد كبير، وكذلك جميع الأنشطة ذات الصلة”.
وتابع: “هناك فرص أقل بكثير للعمال، وعمال المياومة، والأشخاص الذين ليس لديهم عقود ويكسبون العيش بشكل أساسي من يوم إلى آخر، كما تعرضوا لمزيد من الضغوط بعد تداعيات فيروس كورونا”.
وأشار إلى أن “حوالي 25 بالمئة من سكان الحضر في البلاد، يعتمدون على العمل بأجر يومي”.
وبعد عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، فقد ما لا يقل عن 700 ألف شخص من أصحاب الرواتب وظائفهم، وفقا لكروبف.
وأوضح أن “الكثير ممن كانوا ينتمون إلى الطبقة الوسطى، بما في ذلك مسؤولين ومعلمين وأشخاص لديهم أعمالهم الخاصة، فقدوا وظائفهم، وهذا أسهم في تفشي الجوع في أفغانستان”.
وأضاف: “فجأة أصبح لدينا عائلات من الطبقة المتوسطة تقف في طوابير للحصول على المساعدات الغذائية، التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي.”
على سبيل المثال، تم إنشاء مراكز لتوزيع المساعدات في أحد أحياء العاصمة كابل الراقية التي كانت تضم سفارات في السابق، بحسب المسؤول الأممي.
وأشار إلى أن القيود المفروضة على عمل المرأة وحركتها أثرت على الأسر التي تديرها نساء.
وتساءل كروبف “إذا لم تتمكن النساء من الذهاب إلى العمل، والخروج من المنازل، فكيف ينبغي عليهن إطعام أسرهن؟”.
وأشار إلى وجود تحسن طفيف في وضع الأمن الغذائي العام في البلاد.
وفي معرض حديثه عن هذا التحسن، قال كروبف “في وقت سابق من العام الجاري، كان لدينا نحو 20 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الغذائية، والآن انخفض هذا العدد إلى 15 مليون شخص”.
وأرجع ذلك إلى أن موسم الحصاد يوفر فرص عمل للعمال الزراعيين، إلى جانب “الكميات القياسية الهائلة” من المساعدات الإنسانية التي قدمها برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه، للشعب الأفغاني على مدار العامين الماضيين.
– نقص التمويل
وتشهد وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، نقصًا في التمويل حاليا، أدى إلى خفض المساعدات الغذائية لملايين الأشخاص، بحسب كروبف الذي وصف تداعيات نقص التمويل بأنها “قاسية”.
وأضاف: “مع وجود الملايين من الأشخاص المحتاجين في البلاد، أسقطنا 10 ملايين شخص من قائمة المستفيدين، فيما لا يزال بإمكاننا مساعدة 3 ملايين فقط من الأشخاص الأكثر ضعفا”.
واعتبر أن برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى مليار دولار لتغطية احتياجات الجميع.
وقال إن “نقص التمويل يرجع إلى أننا نواجه أعدادا غير مسبوقة من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية على مستوى العالم”.
وأضاف أن المعاناة الإنسانية هي نفسها سواء أكانت في أوكرانيا، أو أفغانستان، أو سوريا، أو أي دولة أخرى.
وشدد كروبف على أن أفغانستان تمر بمرحلة حرجة في الوقت الحالي.
وعن مخاطر تلك المرحلة، قال كروبف: “إذا لم نتلق المساهمات التي نحتاجها لمواصلة برامجنا، فإننا نواجه خطرا حقيقيا يتمثل بخسارة جميع الإنجازات التي حققناها”.
وأكد أنه “مع استمرار تقديمنا للمساعدات، ستتمكن الأسر من اجتياز فصل الشتاء القاسي الثالث حتى موسم الحصاد التالي، والذي من المتوقع أن يكون أفضل”.
واختتم كروبف حديثه بالقول: “أملنا هو مساعدة المحتاجين خلال فصل الشتاء المقبل، ودعمهم حتى يستطيعون الوقوف على أقدامهم”.
وفي 15 أغسطس/ آب 2021، عادت طالبان إلى السلطة بأفغانستان، فيما تواجه البلاد وشعبها عددا لا يحصى من التحديات في شتى النواحي، لاسيما في النظام الغذائي أمام خسارة الكثيرين لأعمالهم ومصادر رزقهم.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات