باريس/ الأناضول
*الجيش الإسرائيلي دمر 206 مواقع أثرية في قطاع غزة خلال الإبادة وفق أحدث إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع
*عالم الآثار الفرنسي سيمون بريلود للأناضول:
– إسرائيل دمرت تل السكن الأثري بغزة وسوته بالأرض
– غزة والمدن المحيطة بها لها أهمية بالغة في تاريخ فلسطين والشرق الأوسط
– من خلال النظر إلى مبنى تاريخي واحد فقط كنا نسافر عبر جزء كبير من تاريخ غزة
حذر عالم الآثار الفرنسي سيمون بريلود، من تدمير الجيش الإسرائيلي لأغلب المعالم التاريخية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن ذلك يضع مستقبل الآثار في القطاع على المحك، ويطرح تساؤلات عديدة.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع بريلود الذي عمل عام 2013 مع فريق من علماء الآثار على القطع الأثرية التي اكتشفت أثناء الحفريات في غزة.
ووفق آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، دمر الجيش الإسرائيلي 206 مواقع أثرية وتراثية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من أصل 325.
كما دمر 161 ألفا و600 وحدة سكنية بشكل كلي، وحول 81 ألف وحدة أخرى لأماكن غير صالحة للسكن، فيما دمر 194 ألفا بشكل جزئي.
إلى جانب ذلك، دمرت إسرائيل 137 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و357 مدرسة وجامعة جزئيا، وفق المصدر ذاته.
وبلغ عدد المساجد التي دمرتها إسرائيل في غزة كليا نحو 832، مقابل 158 تم تدميرها بشكل بالغ وبحاجة إلى إعادة ترميم.
أما الكنائس التي استهدفها الجيش الإسرائيلي ودمرها وفق إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي فبلغت 3.
ولم تسلم حتى المقابر من استهداف الجيش الإسرائيلي، حيث دمر نحو 19 كليا وجزئيا من أصل 60 مقبرة موزعة في كافة أنحاء القطاع.
وجراء ذلك، حذرت مؤسسات فلسطينية وهيئات مدنية وإقليمية من تبعات استهداف الجيش الإسرائيلي للأحياء السكنية والمواقع الأثرية، ما يشكل خطرا على التاريخ الفلسطيني الذي تحاول إسرائيل محوه وفق مراقبين.
*تل السكن الأثري
في السياق، قال بريلود الباحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، إنه يحصل على معلومات بشأن الوضع الحالي في الميدان من زملائه الفلسطينيين في المنطقة، وهم أنفسهم يجدون صعوبة في الحصول على معلومات، جراء العراقيل التي تضعها إسرائيل.
واستشهد بتقييم المؤرخة وعالمة الآثار الفلسطينية هيام البيطار، بأن “95 بالمئة من المواقع التاريخية في قطاع غزة تضررت نتيجة للهجمات الإسرائيلية”.
وأوضح أن المواقع التاريخية تعرضت لأضرار بالغة جراء الإبادة الإسرائيلية، وذلك يعني أنها دمرت كليا أو جزئيا.
وأشار عالم الآثار إلى أن هناك كثيرا من المواقع الأثرية التي دمرها الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي القطاع، بالإضافة إلى مواقع أثرية أخرى في مدينة غزة.
وأشار إلى أن “تل السكن الأثري في مدينة غزة، وهو ربما الموقع الأكثر أهمية في القطاع، دمرته إسرائيل بالكامل، وسوته بالأرض بالجرافات”.
واعتبر عالم الآثار أن “هذا يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل علم الآثار في قطاع غزة، والذي أصبح على المحك أمام التدمير الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن “هناك متاحف في غزة تعرضت للنهب، كما دمرت العديد من المباني التاريخية وبعض المواقع الأثرية التي كانت تنتظر التنقيب (بفعل الإبادة الإسرائيلية)”.
**3 مبان أثرية
وفي هذا السياق، أشار إلى أن “بعض المباني التاريخية المتضررة يمكن ترميمها، لكن المواقع الأثرية ستضيع إلى الأبد”.
بريلود لفت إلى أن “غزة والمدن المحيطة بها لها أهمية بالغة في تاريخ فلسطين والشرق الأوسط، فقد كان طريق التوابل يمر عبر غزة التي كانت ميناء تجارة البخور”.
وأضاف أن “مستوى التعليم في القطاع مرتفع، وهناك الكثير من الجامعات في غزة مقارنة بمساحتها وعدد سكانها”.
وذكّر بتصريح عالمة الآثار هيام البيطار، بأن إعادة بناء أو ترميم الأبنية التي دمرها الجيش الإسرائيلي سوف تستغرق سنوات، وبعضها لا يمكن ترميمها.
وعن تجربته في القطاع، قال عالم الآثار: “كان هناك ثلاثة مبان في قطاع غزة قمنا بزيارتها، وكانت رائعة جدا، وهي قصر الباشا بالمدينة، والمسجد العمري الكبير في مدينة غزة القديمة، وهو مبنى مهم لأهميته التاريخية.. ربما كان معبدا وثنيا تم تحويله إلى كنيسة ثم إلى مسجد”.
وأردف: “دير القديس هيلاريون مبنى آخر مهم جدا في غزة، لم يقصفه الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، لكنه تضرر بسبب استهداف المنطقة المحيطة به”.
ومشيدا بقيمة تلك الكنوز الأثرية التي دمرتها إسرائيل، ختم بريلود حديثه بالقول: “من خلال النظر إلى مبنى واحد فقط، كنا نسافر عبر جزء كبير من تاريخ غزة”.
*غزة مهد حضارات
وفي 24 يوليو/ تموز 2024، قال وزير السياحة والآثار الفلسطيني هاني الحايك، إن بلاده سجلت موقع دير القديس هيلاريون، على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2023 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” موقع دير القديس هيلاريون على لائحتها للحماية المعززة، في ظل التدمير الإسرائيلي الذي تقول مؤسسات فلسطينية إنه ممنهج بحق المواقع الأثرية الفلسطينية.
ويعد قطاع غزة، من المناطق القديمة تاريخيا، التي شهدت حضارات عدة مثل الفرعونية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والكنعانية والفينيقية، وأخيرا الإسلامية التي جسدتها دول متعددة أبرزها المملوكية والعثمانية.
أثمرت هذه الحضارات على مدار التاريخ عن شواهد عمرانية وتاريخية في القطاع، ما أضاف له قيمة ثقافية وتاريخية وجسد عراقته وتجذر الشعب الفلسطيني فيه.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات