تونس/ عادل الثابتي / الأناضول
– نائبة بمجلس نواب الشعب: المهاجرون غير النظاميين ليس لهم إشكالية في مدة البقاء بتونس وهذا مقلق
– ناشط مجتمع مدني: المهاجرون أصبحوا يتحكمون في كل شيء بغابات الزياتين بمنطقة العامرة
– متحدث باسم منتدى حقوقي: صمت رسمي إزاء وضع المهاجرين باعتبار الدولة هي المتسبب فيه
في تونس تتصاعد أزمة المهاجرين غير النظاميين مع مكوثهم منذ سبتمبر/ أيلول 2023 في مساحات كبيرة من ضيعات زراعية بمنطقة العامرة شمال مدينة صفاقس شرق البلاد.
ويتناول التونسيون على وسائل التواصل فيديوهات لمشاهد من الحياة اليومية لهؤلاء المهاجرين وحتى بعض المشاجرات مع أهالي المنطقة، وسط مخاوف من توطينهم.
وفي 12 مارس/ آذار الجاري أعلن وزير الخارجية محمد علي النفطي، خلال لقائه رئيس بعثة المنظّمة الدّوليّة للهجرة بتونس عزوز السامري، حرص بلاده على عودة المهاجرين إلى بلدان الأصل بصفة طوعيّة وآمنة.
وذكّر الوزير بموقف تونس “الرّافض لأن تكون (بلاده) دولة عبور أو توطين للمهاجرين غير النّظاميّين، وبحرصها على أن تتمّ العودة إلى بلدان الأصل بصفة طوعيّة وآمنة على نحو يحفظ الكرامة البشريّة ويتوافق مع التزاماتها الدّوليّة ذات الصّلة”.
وفي 23 يناير/كانون الثاني الماضي أعلنت وزارة الخارجية التونسية تعاونها مع المنظمات الدولية وخاصة منظمة الهجرة ما أدى إلى عودة 7 آلاف و250 مهاجرا إلى بلدانهم طوعيا خلال العام 2024.
وفي سبتمبر 2023 أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم بشأن قضايا، بينها الحد من توافد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
** “دولة داخل دولة”
فاطمة المسدي نائبة بمجلس نواب الشعب (البرلمان) زارت مؤخرا مخيم “هنشير بن فرحات” بمنطقة العامرة، وأبدت مخاوف كبيرة من استمرار أزمة المهاجرين.
وقالت المسدي لمراسل الأناضول: “من خلال زيارتي مؤخرا إلى منطقة العامرة رأيت مخيما يدل على وجود تنظيم محكم للحياة اليومية للمهاجرين”.
وأضافت مبدية تخوفا: “كان الأمر أشبه بدولة داخل الدولة بوجود قاعة سينما ومحلات تجارية وبعض المقاهي والمطاعم ومولدات كهربائية لشحن الهواتف، كما لاحظت وجود مستشفى ميداني وأدوية وقاعة علاج في المخيم”.
وتابعت: “كما كان هناك جامع وبعض المشاريع التنموية الصغيرة مثل تربية الدجاج وبيعه، وينقص فقط مكتب مدرسة وبريد ليصبح المخيم قرية”.
ووفق المسدي: “انتصبت بالمكان أكثر من 200 خيمة تحوي آلاف الناس”.
** قانون للترحيل
وقالت النائبة: “حسب ما فهمت من طريقة التنظيم أن هؤلاء المهاجرين غير النظاميين ليس لهم إشكالية في مدة البقاء، ولهم كل شيء، وهذا مقلق لأننا كسلطة وشعب نرفض التوطين وهو ما دفعنا لطرح مشروع قانون لترحيل المهاجرين (يناير الماضي) “.
وأضافت: “مقترح القانون أمضيناه (وقعناه) مجموعة من النواب وفق ما يطلبه القانون، لكن مكتب مجلس النواب لم يقم بإحالته للجنة المختصة لتنظر فيه قبل تمريره للنقاش في الجلسة العامة وتم دفنه، وهذا أمر غريب”.
وتابعت: “قمت بدعوة عبر القنوات إلى السيد الرئيس (قيس سعيّد) ليزور مخيم بن فرحات ويرى الأمر على أرض الواقع”.
** انتظار الإجراءات
وعن إجراءات الدولة تجاه تلك الأزمة قالت: “لا زلت أنتظر إجراءات وتفاعل رئيس الجمهورية مع ما تم نشره وفضحه من أشياء خطيرة على أمننا القومي وعلى أمن المواطنين، وأتصور أن يكون هناك تفاعل في الأيام القادمة”.
ولفتت إلى زيارة أجرتها إلى “مستشفى الهادي شاكر” بمدينة صفاقس، مشيرةً إلى وجود 470 ولادة لمهاجرات خلال العام 2024، “وذلك في مستشفى فقط وليس في باقي أنحاء الجمهورية”، وفق تعبيرها.
وأردفت: “أقدر أنه في 10 سنوات سيصبح عدد المهاجرين يمثل 5 بالمئة من سكان تونس، وفي 2040 سيمثلون 18 بالمئة من السكان إذا تواصل الأمر على هذا المنوال”.
وتابعت: “وزارة الداخلية قدرت عدد المهاجرين بـ 20 ألفا، وأنا أرى أن العدد أكبر وقد يكون الآن نحو 50 ألفا في العامرة وجبنيانة (ولاية صفاقس)”.
** يتحكمون في كل شيء
ناشط مجتمع مدني من العامرة رفض الكشف عن هويته، قال للأناضول متحدثا باقتضاب: “المهاجرون أصبحوا يتحكمون في كل شيء في غابات الزياتين بالعامرة”.
وأضاف الناشط: “يقلعون أشجار الصفصاف ويحولونها إلى فحم”.
وتابع: “أصبح من الصعب الحديث عن القضية”، في إشارة إلى توقيفات نفذتها السلطات مؤخرا على خلفية الخوض بموضوع المهاجرين.
** الدولة مسؤولة
رمضان بن عمر، متحدث المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل) قال إن المنتدى لم يرصد أي جهود حكومية لحل المشكلة، وأردف: “بالعكس أعتقد أن سياسة الحكومة حاليا تعمد إلى الصمت إزاء الوضع”.
وأضاف بن عمر في تصريحات للأناضول: “هناك صمت رسمي إزاء الوضع باعتبارها (الدولة) هي المتسبب فيه وهي التي حرمت المهاجرين من العمل والتنقل والإقامة وهي التي قامت بنقلهم إلى غابات الزيتون”.
واعتبر أن “الحكومة اكتفت فقط بالدور القمعي والمراقبة بهدم بعض المراكب التي يصنعها بعض المهاجرين غير النظاميين على أمل المغادرة نحو الفضاء الأوروبي”.
وتابع: “الحملة الأخيرة ضد المهاجرين جاءت بمبادرة من بعض النواب المنسجمين مع مقاربات معادية للمهاجرين، ولهم قناعة ووعي أن هذه المقاربات تجذب مزيدا من الأصوات وهي الطريق للبقاء في السلطة، وهي تكتيكات اعتمدتها الأحزاب اليمينية المعادية للمهاجرين في أوروبا”.
** آليات تنظيم ذاتي
وحول مخاطر الفوضى التي يمكن أن تنتج عن تنظيم المهاجرين لأنفسهم في مخيمات وإقامة “محلات تجارية” و”مشفى” على أراضي مزارع الزيتون، قال بن عمر: “عند عزل مجموعة بشرية في مكان ما وتطبق عملية فصل تام بينها وبين المجتمع المحلي فإنها ستلجأ الى طرق وآليات في التنظيم الذاتي”.
وأضاف: “هذا رأيناه في بناء المخيمات وبعض أماكن المداواة”، معتبرا أن “الحديث عن مشافٍ مبالغ فيه وبعض أماكن العبادة توجد في كل أماكن اللجوء”.
ووفق بن عمر، “جاء ذلك نتيجة اختيارات الدولة التي دفعت بالمهاجرين إلى اختيار سبل النجاة والعيش لأن هؤلاء مصيرهم إما الموت أو إيجاد طرق ذاتية للتنظيم وإدارة شأنهم اليومي، والمنظمات الأممية كانت لها أدلة توجيهية لإدارة المخيمات عندما تحصل مثل هذه الأشياء”.
** أزمة مستوردة
واعتبر بن عمر أن سردية الحكومة في دفع المهاجرين إلى غابات الزيتون وفصلهم عن المجتمع وإغلاق البحر “خطة وتكيتك نجح في تخفيض عددهم بشكل كبير في تونس”.
وأضاف أن “حملة إغلاق البحر نجحت في تخفيض أعداد المهاجرين إلى ايطاليا إلى نسبة 80 بالمئة، لكن نحن بهذه السياسة استوردنا الأزمة، فبعد أن كانت في أماكن الوصول أصبحت عند دول العبور نتيجة سياسات تونس مع الاتحاد الأوروبي في هذا الملف”.
وتابع بن عمر: “لابد من تمكين هؤلاء الناس من كل حقوقهم، حقهم في العمل والسكن والتمتع بالمساعدات”.
** العودة اختيار ومسار آمن للانتقال إلى الشمال
وأضاف: “على الدولة أن تنظم أماكن إيواء مراقبة ومفتوحة للمنظمات والجمعيات التي لها تجربة في الإغاثة الإنسانية لنجد حلولا، من يريد العودة يجد مجالا للعودة والبقية تجد الحل في إطار دولي لأن غايتهم الوصول إلى الشمال”.
وتابع: “لابد من إيجاد مسارات تنقل آمنة لهؤلاء، وهناك برامج صارت في ليبيا سابقا بنقلهم إلى بلد ثالث تمهيدا إلى نقلهم إلى الفضاء الأوروبي ودراسة وضعياتهم”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات