فتحت الأزمة القائمة بين الرباط وباريس الباب واسعا أمام تجدد مطالب التخلي عن اللغة الفرنسية باعتبارها لغة متراجعة على المستوى العالمي، واعتماد الإنجليزية التي تعتبر لغة العلم والمعرفة عبر العالم، فيما بدا لافتا أن عددا من الوزراء والمسؤولين الحكوميين باتوا يعتمدون الإنجليزية في الملتقيات التي يحضرونها.
المناظرة الإفريقية الثانية من أجل الحد من المخاطر الصحية، التي احتضنتها مدينة مراكش الأسبوع الماضي، كانت شاهدة على هذا “التحول” الجديد، إذ ألقى وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، مداخلة مركزية في إحدى الجلسات باللغة الإنجليزية، كما أعطى تصريحات باللغة نفسها لوسائل الإعلام الدولية الحاضرة في التظاهرة.
مداخلة مزور لم تكن الوحيدة لمسؤول حكومي مغربي يتحدث الإنجليزية في المناظرة، بل إن وزير الفلاحة الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، تحدث بدوره باللغة الإنجليزية في مشاوراته مع نظيره الإسرائيلي قبل توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون في المجال الفلاحي والماء.
هذا التحول يجد ما يدعمه من طرف منظمي التظاهرة، التي تحظى بالرعاية السامية للملك محمد السادس، إذ إن اللافتات والخلفيات التي زينت أشغال التظاهرة الإفريقية العالمية، التي شارك فيها خبراء يمثلون أزيد من 80 بلدا، اعتمدت اللغة الإنجليزية في تغييب تام للفرنسية التي ظلت “مسيطرة على هكذا محطات منذ عقود”.
في تعليقه على الموضوع، عبر عبد العلي الودغيري، الأكاديمي المتخصص في الدراسات المعجمية، عن أمله أن تكون هذه الوقائع “علامة على بداية تحول من الناحية اللغوية والثقافية”.
واستدرك الودغيري في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “في الحقيقة يبدو أنها مسألة ظرفية فقط، وليست هناك أي علامات تدل على أن الدولة المغربية رسمت خطوطا أو سياسة لغوية جديدة بالنسبة للفرانكفونية”.
وزاد الأكاديمي المغربي موضحا: “هي ردود فعل بسبب التشنج والموقف المغربي الفرنسي الحالي”، لافتا إلى أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، “سبق له أن رفض الإدلاء بتصريح بالفرنسية أمام وزيرة الخارجية الفرنسية، وكان ذلك لافتا”.
وتابع الودغيري: “مع كل هذه الأحداث لا دليل على أن هناك موقفا جذريا من الفرانكفونية بالمغرب”، مشددا على أنه يتمنى صادقا أن يقع هذا التحول، “لكن ليس فقط بسبب هذه الظروف”، وزاد: “دائما كنا نقول إن الفرانكفونية ليس لها مستقبل، وإنه يجب اعتماد لغة أجنبية أخرى”.
وجدد الخبير اللغوي التأكيد على أهمية اعتماد اللغة الوطنية في التعليم والإدارة، وإذا كانت الحاجة إلى لغة أجنبية “فلتكن هي الإنجليزية”، مردفا: “كنا نتمنى هذا وندعو إليه، لكن ما يقع الآن ليس دليلا على شيء”.
وختم الودغيري: “بمجرد ما تنتهي الأزمة بين المغرب وفرنسا ستعود الأمور إلى ما كانت عليه”، مشيرا إلى وقوع أزمات مع رؤساء فرنسيين آخرين في ظروف مختلفة، “وصلت إلى حدود كبيرة من التأزم، لكن هذا لم يؤثر على السياسة الرسمية للدولة تجاه الفرنسية”.
المصدر: وكالات