إجماع تلتف حوله العديد من الحساسيات الأمازيغية المغربية في اعتبارها أن الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الجارية الآن بمراكش وغيرها من التظاهرات العالمية المهمة التي يحتضنها المغرب تمثل فرصة كبيرة لتسويق الثقافة الأمازيغية؛ نظرا لما يطبع هذه الملتقيات الدولية من حضور إعلامي ثقيل وحضور ضيوف مشاركين من قارات العالم الخمس، وبالتالي “تمازيغت” يمكن أن تكون ضمن دبلوماسية ناعمة انخرط فيها المغرب مؤخرا.
“غنى حقيقي” يمكن للمغرب أن يقدمه للعالم من خلال تنظيم عروض بالألبسة التقليدية الأمازيغية وغيرها من الأنشطة الموازية التي ترتبط بالتراث الأمازيغي، وأن تكون ضمن العرض السياحي الذي يصاحب هذه الملتقيات والمؤتمرات؛ لكن في الوقت ذاته تصرف فعاليات أمازيغية “موقفا حادا”، تعتبر فيه أن “ما تتيحه هذه التظاهرات مبدئيا ورمزيا لكافة شروط الإشعاع الثقافي والهوياتي يصطدم بتصورات سياسية ما زالت لم تتصالح بعد مع الأمازيغية”.
“قيمة مضافة لتمازيغت”
محيي الدين حجاج، منسق جبهة العمل الأمازيغي، قال إن “الرهان الذي كان لدى الحركة الأمازيغية تمحور في البدء حول البحث عن إنصاف داخلي؛ لكن سرعان ما بدت أهمية الانتشار عالميا والتعريف بالهوية الأمازيغية وتصحيح العديد من الكليشيهات عن المغرب، باعتباره في نظر الآخر بلدا “عربيا” خالصا”، موضحا أن “هذه التظاهرات المالية والثقافية والسياسية وغيرها يجب أن تلتقطها الجهات الرسمية كفرص سانحة لتسويق الهوية المغربية الغنية بتنوعها”.
وأبرز حجاج، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “التغطيات الإعلامية العالمية التي تصاحب هذه التظاهرات يجب أن يصاحبها إشعاع للأمازيغية، وأشكال انبناء الوعي التاريخي في تراثها وكيفيات استدماجها وتعايشها مع مختلف المكونات والعناصر الأخرى؛ لكون العديد من وسائل الإعلام في الغرب وباقي مناطق العالم لا تعرف كثيرا عن الأمازيغية بالمغرب والمسار الذي اتخذه البلد لإنصاف هذا العنصر”، مؤكدا أنها منذ “خطاب أجدير” 2001 دخلت مسارا مختلفا، سهر عليه الملك شخصيا”.
وعن الكيفية العملية التي تساعد فيها هذه الملتقيات للإشعاع، ذكر الفاعل المدني أن “المغرب يمكن أن يعرض بعض الملصقات التي تتضمن حرف “تيفيناغ”، وأيضا فيديوهات تعريفية بالمغرب وتاريخه وتذكر بالتراث الأمازيغي لمراكش التي تحتضن العديد من الفعاليات الدولية المهمة وتشكل واجهة مشرفة للمغرب”، مسجلا أن “المملكة لا تنكر ثقل التاريخ الأمازيغي الطويل المتجذر في عمق البلاد، وهو يحتاج الآن لكي يعرفه العالم أكثر ويحتاج جهودا لتسويقه في كل مناسبة ممكنة”.
“الإصلاح داخليا أولا”
الناشط الأمازيغي عبد الله بوشطارت اعتبر أن “الفرصة التي تتيحها هذه الملتقيات للمغرب مبدئيا فائقة الأهمية، لكي يكشف عن خصوصية يتمتع بها وبتراث يجعله متفردا، بالمقارنة مع العديد من البلدان الأخرى التي يتم ربطه بها في التصورات”، مسجلا أنه “من الممكن دائما أن يتم توفير الشروط الضرورية لكي يتحدث المسؤولون الذين يتقنون “تمازيغت” بلغتهم الأم، وتتوفر الترجمة لغير الناطقين بها كما يحدث الآن مع لغات أخرى”.
وأوضح بوشطارت، في تصريحه لهسبريس، أن “المغرب مقبل على تظاهرات كروية كثيرة من قبيل تنظيم الكان 2025 وكأس العالم 2030، والعديد من الدول تستغل هذه التظاهرات بشكل إيجابي للتعريف بالغنى الذي تنطوي عليه، لكونها تحظى بمتابعة مكثفة من طرف العالم بكامله”، متأسفا “لانعدام رغبة واضحة لدى الحكومة في أن تتجه في هذا المسار، لكونها لا تريد أن تتصالح مع الأمازيغية داخليا أولا ولا تريد إنصاف الأمازيغ، فكيف ستفكر في إشعاع ثقافتهم؟”.
وأبرز الناشط الأمازيغي أن “العديد من الفرص يتم هدرها فيما يتصل بالنهوض بالثقافة الأمازيغية في المغرب على المستويين الداخلي والخارجي. ويبدو أن مسار نضال الحركة الأمازيغية لا يزال متواصلا ومستمرا، لكون الأفق ينسد أمام العديد من المطالب الحيوية للأمازيغ”، خاتما بأن “الحكومات المغربية حين تستطيع أن تقدم نموذجا رائدا في ما يخص هذه الهوية ستستطيعُ، حينها، أن تلتقط كل الفرص المهمة لإشعاعها وتقديمها للعالم”.
المصدر: وكالات