بحلول شهر أبريل إلى غاية النصف من شهر ماي الجاري، ينطلق موسم قطف وجمع الورد العطري بحوض دادس ومكونة (إقليم تنغير)، حيث تمتد عملية القطف والجمع لأزيد من شهر، وهي عملية موسمية توفر آلافا من أيام العمل لفائدة النساء في المنطقة.
في مثل هذه الفترة من كل سنة، تتحول مناطق دادس ومكونة إلى خلية نحل حقيقية، إذ يشرع أهل المنطقة في جمع منتوج الورد العطري من الضيعات النموذجية والبساتين التقليدية وجانب السواقي المترامية على طول الطريق الرئيسية رقم 10 بين آيت يحيى وقلعة مكونة.
وتشتغل نساء المنطقة ورجالها، في هذه الفترة من كل سنة، في عملية قطف الورود لكسب الرزق وربح بعض الدراهم لمساعدة أسرهن وأسرهم، حيث أكدت عدد من النساء أن هذه المناسبة توفر لهم فرص شغل موسمية ويشتغلون لمساعدة أسرهم ماديا.
أنامل ناعمة تقطف الورود
تحت أشعة الشمس الحارقة، تعمل المئات من النساء داخل ضيعات فلاحية وبساتين وحقول على طول وادي دادس إمكون من أجل قطف الورود التي تتميز بها هذه المنطقة ويقام من أجلها الملتقى الدولي للورد العطري سنويا تحت رعاية الملك محمد السادس.
أكد عدد من العاملات في عملية القطف، في تصريحات متطابقة، أن غالبية النسوة في المنطقة ينتظرن بفارغ الصبر هذه الفترة الموسمية من أجل العمل في قطف الورد العطري مقابل الحصول على أجرة يساعدن بها أسرهن وأنفسهن.
فاطمة، ابنة منطقة مكونة، قالت إن أصحاب الضيعات الفلاحية يبحثون عن النساء في هذه الفترة من السنة لقطف الورد، مشيرة إلى أن أكثر من 90 في المائة من قاطفي الورد هم من النساء وأقل من 10 في المائة من الرجال الذين يتكلفون في غالب الأحيان بوضع المنتوج على الميزان ونقله عبر الشاحنات إلى المعامل والتعاونيات.
وأوضحت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن عملية القطف تبدأ في وقت باكر وتنتهي في الساعة الحادية عشرة صباحا، وهناك ضيعات فلاحية تشتغل أيضا في المساء لقطف المنتوج المبتقى، مؤكدة أن عمل القطف يختلف من ضيعة فلاحية إلى أخرى ومن بستان إلى آخر.
من جهتها، قالت امرأة أخرى تعمل في قطف الورود، وتدعى عائشة، إن “لكل منطقة ما تتميز به وتوفر به فرص عامل لأهاليها”، مضيفة: “منطقة حوضي دادس ومكونة تتميز بوردها العطري المشهور عالميا، الذي تستخرج منه الزيوت ومواد التجميل والنظافة وغيرها من الأمور التي عليها الإقبال”.
وأفادت المتحدثة ذاتها بأن كل ضيعة فلاحية تشغل عشرات من النساء من أهل المنطقة في عملية قطف الورد التي تستمر لمدة شهر كل سنة، لافتة إلى أن الورد أصبح يساهم في التنمية الاقتصادية للمنطقة بشكل عام.
من جهته، قال عبد السلام آيت سي أحمد، صاحب ضيعة فلاحية بجماعة ايت سدرات السهل الغربية، إن الورد العطري للمنطقة يعتبر الأجود في المغرب عموما وفي دول العالم بشهادة الجميع، موضحا أنه قام بإنجاز ضيعته الفلاحية منذ أقل من سنتين وهذه السنة بدأت في الإنتاج.
وأضاف آيت سي أحمد، في تصريح لهسبريس، أن الضيعة الفلاحية ذاتها حاليا يتم قطف فيها ما يقارب من 5 أطنان من الورد العطري، فيما ينتظر أن تنتج الضيعة التي تبلغ مساحتها 20 هكتارا خلال السنة المقبلة 10 أطنان في اليوم، مؤكدا أن الورد الذي تنتجه ضيعته طبيعي “بيو” بدون مواد كيميائية أو أدوية.
وأوضح المتحدث ذاته أن الورد الذي ينتجه في ضيعته الفلاحية يبيعه مباشرة للتعاونيات التي تقوم بدورها بتقطيره لاستخراج روح ماء الورد والزيوت ومواد التجميل والنظافة، وسيقوم بإحداث تعاونية خاصة به خلال السنة المقبلة داخل الضيعة ليقوم بنفسه بتقطير هذا المنتوج.
وبخصوص ثمن الورد العطري، قال عبد السلام إنه يبيع منتوجه لفائدة التعاونيات بـ30 درهما للكيلوغرام الواحد، فيما هناك من يبيع لفائدة المعامل الصناعية بثمن 20 و22 درهما للكيلوغرام، مشيرا إلى أن فرق الثمن يوجد بين ما هو طبيعي “بيو” وبين منتوج يتم استعمال فيه مواد وأدوية.
4 آلاف طن من الورد
تنتشر عشرات أو مئات التعاونيات المتخصصة في تقطير ماء الورد بحوضي دادس ومكونة، وأغلب التعاونيات تسيرها نساء المنطقة، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (إقليم تنغير) ووكالة التنمية الاجتماعية ووزارة الفلاحة.
وتشتهر مناطق دادس ومكونة بإقليم تنغير بزراعة الورد العطري المميز بودرته الدمشقية الأصيلة، حيث أكدت إحصائيات وفرتها مصادر مطلعة لهسبريس أن هذه المنطقة من المنتظر أن تنتج هذه السنة ما يقارب من 4 آلاف طن من الورد العطري.
وتلعب هذه التعاونيات المتخصصة في الورد العطري دورا سوسيو اقتصاديا وثقافيا مهما بالنسبة لهذه المناطق التي يتم غرس فيها الورد العطري، ومن المنتظر أن تبلغ القيمة المالية من الورد العطري خلال 2025 حسب العاملين في القطاع ما يقارب من 80 مليون درهم.
المصدر: وكالات