نددت منظمة “هيومن راتس ووتش” و14 منظمة حقوقية أخرى بـ”القيود التعسفية” التي تفرضها السلطات الجزائرية على الحريات، مطالبة إياها بوقف الاعتداءات على الحريات الأساسية والفضاء المدني والسماح للمنظمات المستقلة بالعمل دون مضايقات؛ وذلك تزامنا مع زيارة كليمنت نياليتسوسي فولي، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية لتجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، إلى الجزائر في الفترة ما بين الـ16 والـ26 من شهر شتنبر الجاري.
ولفتت المنظمات الحقوقية عينها، في بيان لها، إلى “تأجيل السلطات الجزائرية لزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة، العام الماضي، تزامنا مع تكثيفها لقمع الحريات الأساسية في البلاد، خاصة حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات “.
المصدر عينه نقل عن نصيرة دوتور، رئيسة تجمع عائلات المفقودين في الجزائر، قولها إن “السلطات الجزائرية تمارس قمعا بلا رحمة ضد الحركة الجزائرية المؤيدة للديمقراطية وضد أي شخص ينتقد الحكومة”، مشددة على أنه “من الضروري أن يدافع خبراء الأمم المتحدة، بدعم من المجتمع الدولي، عن أولئك الذين يناضلون من أجل حقوق الإنسان في البلاد”.
وأضافت أن “زيارة المسؤول الأممي توفر للجزائر فرصة مهمة لإظهار التزامها باحترام تعهداتها في مجال حقوق الإنسان”، مطالبة في الوقت ذاته بـ”إطلاق سراح جميع المسجونين بسبب نشاطهم أو تعبيرهم السلمي والسماح لمنظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب بالعمل بحرية، إضافة إلى إلغاء القوانين القمعية المستخدمة لسحق المعارضة”.
وسجل البيان ذاته إقدام السلطات الجزائرية على حل “أقدم منظمة لحقوق الإنسان في الجزائر”، ويتعلق الأمر بـ”الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان”، وجمعية “تجمع العمل الشبابي”، مشيرا كذلك إلى “تعليق عمل حزبين سياسيين على الأقل: حزب العمال الاشتراكي والحركة الديمقراطية والاجتماعية”، إضافة إلى إغلاق مقاولتين إعلاميتين وسجن صحافيين على أساس “اتهامات باطلة” على غرار الصحافيين إحسان القاضي ورؤوف فرح ومصطفى بن جامع.
في هذا الصدد، قال عيسى رحمون، نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان إن “السلطات الجزائرية اتخذت إجراءات صارمة لإسكات الأصوات الناقدة وإغلاق الفضاء المدني”، داعيا بمناسبة زيارة المسؤول الأممي إلى “إطلاق سراح جميع سجناء الرأي ووقف جميع الملاحقات القضائية ضد الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان لمجرد ممارستهم لحقوقهم المشروعة”.
وأشار البيان عينه إلى أنه “طوال الفترة التي تلت الانتخابات التشريعية في يونيو من العام 2021، وحتى الذكرى السنوية الثالثة للحراك المؤيد للديمقراطية في فبراير من العام الماضي، استمرت حملات التضييق والترهيب في حق المعارضين”، مسجلا أنه “في نهاية العام الماضي، كان هناك 280 ناشطا ومتظاهرا ومنتقدا للحكومة مسجونين بسبب مشاركتهم في هذا الحراك. كما تعرض أفراد ومنظمات للاعتقال التعسفي؛ على غرار الناشط زكرياء حناش، الذي حكم عليه غيابيا بالحبس لمدة ثلاث سنوات بتهم ملفقة أبرزها تلقي أموال والاعتداء على أمن الدولة وسلامة التراب الوطني”.
وسجل المصدر عينه إقرار مجموعة من “القوانين القمعية” التي أضيفت للترسانة القانونية الجزائرية لـ”خنق تكوين الجمعيات والتجمع السلمي”، ما بين عامي 2020 و2023، حيث تم تعديل قانون العقوبات ليشمل مادة “تنص على السجن لمدة تصل إلى 14 سنة لكل من يتلقى أموالا أجنبية في إطار منظمة أو جمعية”. كما تم، بموجب الأمر الرئاسي رقم 21.08 لسنة 2021، توسيع تعريف جريمة الإرهاب ليشمل “تجريم الأفعال التي تهدف إلى العمل أو التحريض بأية وسيلة كانت على الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية، إضافة إلى اعتماد قانون النقابات في مارس 2023 بهدف فرض رقابة مشددة على العمل النقابي”.
ونبهت المنظمات الحقوقية الخمس عشرة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية لتجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات إلى “مخاطر المضايقة والترهيب الذي سيتعرض له نشطاء المجتمع المدني الذين قد يلتقي بهم خلال زيارته”، داعية السلطات الجزائرية إلى “ضمان أمنهم وسلامتهم”.
المصدر: وكالات