ما زالت مأساة عائلات 51 مهاجرا سريا مغربيا بإقليم قلعة السراغنة مستمرة جراء المصير المجهول لأبنائهم الذين شاركوا في هجرة عبر قوارب الموت إلى جزر الكناري التابعة للسيادة الإسبانية؛ ما خلف استياء عميقا في أوساط أسر الضحايا وأقربائهم والناشطين الحقوقيين والسياسيين والرأي العام بصفة عامة.
وطالبت العائلات، خلال وقفة احتجاجية نظمت اليوم الثلاثاء أمام المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة، السلطات المغربية بالتدخل العاجل لمساعدتها في الكشف عن مصير أبنائها، عبر القيام بجولات ودوريات في أعماق البحار بحثا عن أبنائهم المختفية أخبارهم، وإلقاء القبض على سماسرة الهجرة غير النظامية الذين تسببوا في فقدان فلذات أكبادهم وإزهاق أرواح الضحايا وتقديمهم إلى العدالة من أجل محاكمتهم.
وأحالت مصالح الأمن بالعطاوية، يوم الاثنين 26 يونيو الماضي، على عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، المشتبه فيه الرئيسي في قضية تنظيم الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، الذي تم توقيفه بمدينة دمنات، بعد استثمار معطيات التحقيق التمهيدي والأبحاث التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية بولاية أمن مراكش مع امرأة ستينية تم توقيفها على ذمة هذا الملف بمدينة العطاوية من أجل الاشتباه في تورطها في هذه الشبكة.
وجاء توقيف المشتبه فيها بعدما تقدمت أسر بعض الضحايا بشكايات ضدها. وقالت الأسر المشتكية إن المرأة تسلمت مبالغ مالية تتراوح بين 35 ألف درهم و42 ألف درهم مقابل تهجير الشبان. وكشفت الأبحاث الأولية معها تورطها بمعية أفراد آخرين، ضمنهم ابنها الهارب، في عمليات هجرة غير مشروعة نظمت بالإقليم.
وكان المكتب الإقليمي للحزب الاشتراكي الموحد بقلعة السراغنة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع مدينة العطاوية وجها دعوات إلى السلطات المختصة من أجل فتح تحقيق جاد ونزيه ومسؤول للكشف عن شبكات الاتجار بالبشر بالإقليم، وترتيب الجزاءات في حق كل من ثبت تورطه في هذه الجرائم. كما حذر التنظيمان من أن قوارب الموت باتت ظاهرة مستمرّة بالإقليم، بسبب استمرار فشل السياسات العمومية في دمج الشباب في سوق الشغل.
وقال الحقوقيون بإقليم السراغنة إن “ما وقع لأبناء إقليم قلعة السراغنة لغز محير ومأساة إنسانية، بعد عدم تمكن الجهات المسؤولة من كشف مصيرهم ووضع اليد على المتاجرين في الهجرة السرية والمعرضين حياة الأشخاص من الشباب للخطر”.
وأوضحت منظمة كاميناندو فرونتيراس الإسبانية غير الحكومية المعنيّة بالهجرة، في تقرير خلال شهر يوليوز الماضي، أن الأرقام الرسمية الإسبانية تظهر وصول عدد أقل من قوارب المهاجرين في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري؛ غير أن عدد الأشخاص الذين قضوا في رحلات الهجرة غير النظامية ارتفع مقارنة بالمدّة الزمنية نفسها من عام 2022، بإضافةٍ بلغت 13 ضحية.
وحسب وزارة الداخلية الإسبانية، فقد وصل 12 ألفا و192 شخصا بالقوارب إلى البلاد في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، أي أقلّ بنسبة 4 في المائة مقارنة بالمدّة نفسها من عام 2022.
يذكر أن إقليم السراغنة عرف، خلال السنة الماضية، فقدان 41 شخصا للسبب ذاته؛ ما جعل الحقوقيين يرجعون تكرار هذه الأحداث المؤلمة إلى “حالة التهميش والإقصاء الذي تعرفهما المنطقة، ما يؤدي إلى التفكير في الهجرة إلى أوروبا هروبا من الواقع المعاش”، حسب مضامين بيانات حقوقية توصلت بها الجريدة الإلكترونية هسبريس.
المصدر: وكالات