شكل “الاقتباس السينمائي للأعمال الأدبية” موضوع ندوة مستديرة نظمت، اليوم الأحد، على هامش المهرجان الوطني للفيلم السينمائي بطنجة، وجمعت مجموعة من الباحثين والنقاد وأهل الفن السابع، إضافة إلى أدباء.
ووضع هذا اللقاء في صلب النقاش مسألة تمت مناقشتها على نطاق واسع خلال العديد من الندوات والمهرجانات، وتمس الاقتباس السينمائي أو التلفزيوني للأعمال الأدبية، في أشكال مختلفة تنطلق من النوع المسرحي، مرورا بالشعر والأوبرا إلى النوع المفضل وهو الرواية. فمنذ بدايتها اعتمدت السينما بشكل كبير على الأدب من خلال اقتباس إبداعاته بكيفية ناجحة إلى حد ما، وما زالت مستمرة في ذلك إلى غاية اليوم.
وحسب الباحثين، فإن مصطلح “الاقتباس” يشير في معناه الاشتقاقي للكلمة اللاتينية “adaptatio” إلى الألم، ألم الولادة، الذي ارتبط به الإبداع الفني دائما، كما أنه ألم نفسي لأنه تغير في السلوك. وبهذا المعنى يكون المقتبس بطريقة ما بمثابة محول لحكايات الآخرين؛ فهو يعيد ترتيب الأشياء وفقا لرغباته وقراءاته وفهمه هذا الأمر، الذي يشكل مصدر إحباط بالنسبة للمؤلفين والقراء في كثير من الأحيان بعد كل عملية اقتباس للعمل الأدبي، حيث يمكن أن يشكل المقتبس تهديدا حقيقيا، بل قاتلا للعمل المعدل، كما يمكنه أن يحل محل العمل الأدبي أو يطمسه في بعض الأحيان، خاصة في العصر الحالي الذي تهيمن فيه الصورة بشكل كبير.
ويعد الاقتباس الأدبي في أغلب الأحيان مصدرا للخلافات بين السينمائيين والأدباء فيما يتعلق بالنتيجة النهائية للعمل المقتبس.
وفي هذا الإطار قال الباحث السينمائي حميد عيدوني، في تصريح لهسبريس، إن النقاش خلال الندوة كان مهما جدا لأنه طرح العلاقة بين السينما والإبداع الأدبي، مضيفا أنه حاول معية الأطراف المتدخلة الذهاب إلى أبعاد أخرى من اللقاء بين النص والصورة.
وتابع قائلا: “نلاحظ أن هذه العلاقات متشابكة، لأنه عندما يخرج كتاب ثم يخرج معه فيلم؛ فإنه رواية لما جاء في الأول، لكن هذا ليس سيناريو”.
وأشار إلى أن “المطروح اليوم هو أن الحديث بين الآداب والسينما يجب تحديده لأن هناك تداخلا للفنون، فنرى في أفلام عالمية تداخل أفلام السينما مع أفلام التحريك، وبالتالي فإن جزءا من فيلم التحريك قادم من فضاء آخر، والسؤال المطروح هو: كيف للفيلم أن يستقبل هذا النوع من الفنون؟ وكيف يشتغل عليها؟”.
من جهته قال عبد الكريم أوبلا، في حديثه مع هسبريس، إنه حاول في الندوة الإشارة إلى العلاقة الكبيرة والقديمة بين السينما والآداب عامة، والعلاقة بين السينما المغربية والرواية، وكيف يمكن في المستقبل أن يوجد تثاقف بين السينمائيين والأدباء.
فيما قالت الكاتبة سعاد الجامعي، في تصريح لهسبريس، إن نقاش اليوم حول ملاءمة الآداب للسينما جعل الجميع يخلص إلى أن هناك إرادة حقيقية لخلق أعمال انطلاقا من أعمال أدبية مغربية، لكن العائق الأساسي في الموضوع هو مرحلة حقوق المؤلف، وهو الأمر الذي سيعملون عليه كثيرا في المستقبل.
المخرج عبد القادر لقطع تحدث خلال مداخلته عن حقوق الطبع والنشر، وكيف يضع لمسته على القطع الأدبية الموجودة، وما الذي يتطلبه الأمر لسرد قصة شخص تعرفه ولا يزال على قيد الحياة، مستذكرًا عندما صنع فيلمًا عن الكاتب عبد اللطيف اللعبي.
وتابع قائلاً: “إذا قمت بتفسير قصة حقيقية بطريقتي، وأعاملها بوحشية بطريقة ما، فيجب أن أحصل على موافقة المشاركين فيها”.
ودعا المؤلفين إلى الثقة بالمخرجين، قائلاً إنه لا ينبغي لهم التردد في تقديم اقتراحاتهم عندما يتم تعديل كتبهم بواسطة شخص آخر، مضيفا أن معظم الكتّاب يخشون التغييرات التي تأتي مع التكيف.
واعتبر الناقد حمادي قروم، الذي ألف عدة كتب حول الاقتباس الأدبي في السينما، أن مسألة الاقتباس “ساذجة” إلى حد ما، داعيا المواهب إلى الإبداع في زمن “الأزمة الفنية” التي يمر بها المغرب، موضحا أن المشكلة الكبيرة تكمن بالأساس في الكتابة.
المصدر: وكالات