دعا فاعلون ومختصون إلى ضرورة مراعاة البعد الثقافي في خطط التنمية المحلية، معتبرين أن الثقافة هي ناقل أساسي لتنمية الكيانات الإقليمية يساهم في تعزيز جاذبية المدن، مؤكدين أن الثقافة هي شأن عام يهم الجميع.
هشام عبقاري، مدير مسرح محمد الخامس، تحدث، خلال الندوة التي نظمتها مبادرة OTED تحت عنوان “الثقافة والأقاليم.. بحثًا عن نموذج مستدام”، عن إدراك الثقافة على المستوى المؤسساتي.
وعدد عبقاري المتدخلين في المجال الثقافي؛ بداية من وزارة الثقافة مرورا بالجماعات الترابية، مشيرا إلى اختصاص مشترك عبر بناء مركبات وشراء عروض، ناهيك عن وجود متدخلين آخرين من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن والمؤسسات العمومية.
وقال مدير مسرح محمد الخامس: “ليس بالضرورة أن تكون هناك وزارة؛ لأن هناك ثقافة مثل أمريكا التي لا توجد فيها وزارة، وبالتالي لا يمكن أن نقول إنه ليست بها ثقافة، هو فقط نموذج تدبيري ونحن قريبون من النموذج الفرنسي”.
وفي هذا السياق، انتقد عبقاري المركبات الثقافية المسيرة من قبل الجماعات، قائلا: “في الهيكلة والتقسيم الإداري لدى الوزارة نجد أن المركب الثقافي يحيل على خدمات؛ لكن لدى الجماعة فهو مجرد حائط، إذ فقط الدار البيضاء بها 17 مركبا هي عبارة فقط عن حيطان لا تقدم أية خدمات”.
بدوره، تحدث عبد الصمد بن شريف، مدير القناة الثقافية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، عن دور الإعلام في التنمية الثقافية، قائلا إن له “دورا في ترسيخ الثقافة كفعل وقيم تساهم في تشكيل الرأي العام”.
وأشار بن شريف إلى أن الثقافة، إلى جانب الاقتصاد والاجتماع والبيئة، هي إحدى الدعامات الأساسية للتنمية، مؤكدا أن “الإعلام يلعب دورا أساسيا ومحوريا في عكس التنوع الثقافي وتكريس إعلام القرب لتكريس صورة تقريبية للثقافة”.
وتابع مدير القناة الثقافية: “لا يكون للثقافة فاعلية ونجاعة إذا لم تتم إشاعتها عبر وسائل الإعلام، والإعلام العمومي يتحمل مسؤولية أولية باعتباره يقدم خدمة عمومية”.
ولفت الإعلامي ذاته إلى “دور الإعلام العمومي في تحصين المجتمع وتلقينه بمضادات حيوية للحفاظ على هويته ومواجهة كافة أشكال التضليل والاختراق السلبي”.
وقال بن شريف إنه “لا يمكن للسياسات العمومية أن تكون منفصلة عن المطالب الاجتماعية الهادفة والساعية إلى إعطاء العنصر الثقافي الأهمية والقيمة التي يستحقها”.
وتابع: “على مستوى الميزانية، فإن الأضعف تلك الموجهة إلى الثقافة… لا يمكن أن تكون جماعات مدن كبرى أو جهات لا تتوفر على استراتيجيات ثقافية ولجان مشتغلة وندوات ومناظرات ثقافية؛ فالأمر يتطلب وجود عقول وذوات تفكر… أناس يفكرون ويحملون هاجس النهوض بالعمل الثقافي، وهو دور يجب أن يلعبه أيضا المجتمع المدني”، مشددا على ضرورة “التعامل مع الثقافة كأكسجين نستنشقه يوميا”.
من جانبه، قال إبراهيم المزند، مؤسس ومدير عام “فيزا فور ميوزيك”، إن “المغرب هو مجتمع بموروث ثقافي عريق ومتنوع بأبعاد متعددة وروافد استثنائية تمت دسترتها، ولا يمكن أن نعيش في منأى عن ما يحدث في العالم”.
وذكر المزند أنه “كان هناك نوع من النفور من التراث المغربي؛ لأننا قدمناه في صورة نمطية فلكلورية، لكن أخيرا بدأ نوع من الاهتمام بهذا التراث وهذه التعددية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “للاهتمام بما يحدث على الصعيد العالمي لا بد من دعم كل ما هو إنتاج عصري في مجالات المسرح والموسيقى وتوفير آليات التسجيل وفرق محلية للحفاظ على ما هو ثقافي وتراثي”.
وشدد المدير العام لـ”فيزا فور ميوزيك” على أنه “لا يمكن أن نفرض على شاب يقوم بالرقص المعاصر أن يمارس رقصة ثقافية ما، إذ يجب الانطلاق من ما هو ميكرومحلي لما هو كوني”.
وقال جواد السموني، مؤسس والمدير الفني لـ”دابا تيك”، إنه “لا خوف على الثقافة بسياسة ثقافية أو بدونها؛ فما دامت هناك حياة هناك ثقافات”.
وأضاف السموني أن “المطلوب هو التفكير في نوع من الهندسة الثقافية ووضع سياسة ثقافية”، مشيرا إلى أنه في “الخطاب الرسمي الثقافة تأتي دائما ما بعد واو العطف، وتظهر طريقة تفكير متخذي القرار لا شعوريا في الثقافة”، منتقدا حصر الثقافة في وزارة مسؤولة أو وصية عنها.
المصدر: وكالات