أجسادهم ومُستقرهم خارج حدود الوطن، لكن عقولهم وقلوبهم دائما مع بلدهم الأم، المغرب؛ فما إن اهتزت الأرض من تحت جبال الأطلس الكبير حتى تجندوا لمد يد العون لسكان المناطق المتضررة من الزلزال الذي خلف خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، خاصة في الأقاليم والمناطق المحيطة بجماعة إيغيل، بؤرة فاجعة الحوز.
مغاربة العالم لم يتوانوا منذ اللحظة الأولى لوقوع هذه الكارثة في التعبير عن تضامنهم مع أبناء وطنهم واستعدادهم للمساعدة بكل إمكانياتهم، إذ أطلقوا مبادرات مدنية للتبرع بالدم وجمع المساعدات العينية من أفرشة وأغطية، ومن ثم وضعها رهن إشارة المتضررين، كما سارعوا إلى تنظيم حملات في أوساطهم للدعوة إلى التبرع للصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال.
يحيى المطواط، فاعل جمعوي مغربي مقيم بالديار الإيطالية، قال إن “مغاربة العالم جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، ومعنيون بكل ما يصيب بلدهم”، مشيرا إلى أن “الجالية المغربية في إيطاليا قررت منذ اللحظة الأولى التركيز على جمع المساعدات التي تهم الأغطية والكراسي المتحركة، دون المواد الغذائية التي لا تعاني بلادنا من أي خصاص فيها، بفضل مجهود كل من السلطات والمواطنين وفعاليات المجتمع المدني في هذا الإطار”.
وأضاف المطواط، في تصريح لهسبريس، أن “مغاربة إيطاليا جمعوا إلى حد الآن عددا مهما من المساعدات في هذا الإطار، وهي رهن إشارة المتضررين، في انتظار إيجاد صيغة قانونية مناسبة لإرسالها إلى المغرب”، مسجلا في الوقت ذاته “إطلاق حملة في أوساط الجالية من أجل المساهمة ماديا في الصندوق الذي أحدثته المغرب من أجل المتضررين من هذه الفاجعة”.
وعن الجالية المغربية في إسبانيا، قال طارق سلام، مغربي مقيم كاتالونيا، إن “مغاربة إسبانيا، على غرار باقي المغاربة، حزينون لما ألم ببلدهم”، مؤكدا أنه “تم إطلاق حملات واسعة لجمع المساعدات العينية التي أرسلت في اتجاه المناطق المنكوبة، فيما سبق أن أرسل بعضهم مبالغ مالية إلى معارفهم وعائلاتهم المقيمة بالمغرب لشراء ما يلزم من مساعدات للمغاربة المتضررين، قبل إحداث الصندوق الخاص بتدبير آثار هذه الكارثة”.
ولفت المتحدث لهسبريس إلى أنه “لا حديث هنا في إسبانيا إلا عن الزلزال وكيف يمكن مساعدة المغرب في تجاوز هذه اللحظات الأليمة”، مشيرا إلى أن “الجالية المغربية المقيمة في هذا البلد لقيت تعاطفا واسعا ومساعدة كبيرة من المواطنين والمسؤولين الإسبان، بالإضافة إلى الجاليات الأخرى التي أبدت عميق حزنها وتعاطفها مع المغاربة واستعدادها للمساعدة بكل ما يلزم في هذا الإطار”.
ومن ليبيا، أورد عز الدين تابيت، فاعل مدني مغربي مقيم في هذا البلد، أنه “إثر الفاجعة الأليمة التي عرفتها بلادنا أطلق مجموعة من النشطاء المدنيين والجمعويين المغاربة في مدن ليبية عديدة مبادرة لدعوة المغاربة المقيمين هنا للتبرع بالدم لفائدة بنوك الدم في المغرب، تحت إشراف الهلال الأحمر الليبي”، مشيرا إلى أنه “يتم البحث في الوقت الحالي عن هيئة منظمة للإشراف على نقل أكياس الدم إلى المملكة بعد الحصول على موافقة السلطات المغربية”.
ولفت تابيت في تصريح لجريدة هسبريس إلى أنه “رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية للجالية المغربية بليبيا والوضع الحالي الناجم عن الفيضانات الأخيرة التي عرفتها البلاد، إلا أن مغاربة ليبيا مستعدون للوقوف بكل إمكانياتهم إلى جانب بلدهم الأم في هذا الظرف العصيب”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إن “مغاربة العالم مافتئوا يُعبرون عن ارتباطهم الوثيق بقضايا الوطن، وليس غريبا عنهم هذا الانخراط الجدي في العمل التضامني من أجل مساعدة بلادهم وإخوانهم المغاربة في تجاوز هذه المحنة”.
وأضاف بوصوف أن “الجالية المغربية المقيمة بالخارج أبانت في عديد المناسبات والأزمات التي مرت بها بلادنا عن حس تضامني منقطع النظير، وعن قيم التآزر الاجتماعي والإنساني التي تطبع الشخصية المغربية، على غرار أزمة كورونا التي عرفت تحركا قويا لمغاربة العالم، سواء كجمعيات أو كأفراد”.
وأهاب المتحدث عينه بمغاربة العالم أن “تكون كل تحويلاتهم وتبرعاتهم المالية في هذا الصدد عن طريق الحساب المصرفي الدولي الرسمي التابع للصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي أحدث”، مشيرا إلى أن “المساعدات العينية يجب أن توضع رهن إشارة مؤسسة محمد الخامس للتضامن، باعتبارها الأفضل من الناحية التنظيمية، ما سيضمن وصول هذه المساعدات إلى مستحقيها في أمن وأمان”.
في هذا الصدد، دعا الأمين العالم لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في تصريح لجريدة هسبريس، جميع المؤسسات البنكية إلى “تقديم تسهيلات كتخفيض أو إلغاء رسوم تحويلات مغاربة الخارج من أجل تشجيعهم على التبرع وتوسيع دائرة المتبرعين”.
المصدر: وكالات