احتفى شعراء وأدباء ومثقفون، مساء السبت، في المعهد الجهوي للموسيقى والفن الكوريغرافي بوجدة، بتجربة الشاعر والروائي محمد الأشعري، في أمسية شعرية ولقاء أدبي من تنظيم المديرية الجهوية للثقافة بجهة الشرق، في إطار سلسلة “احتفاء بأعلام الشعر”.
واختارت الجهة المنظمة الأشعري ليكون ثاني المحتفى بهم في هذا السلسلة بعد اللقاء الذي كرّم تجربة الشاعر محمد علي الرباوي.
واستهل اللقاء بتقديم قراءة نقدية في تجربة الأشعري الشعرية من قبل الكاتب والناقد مصطفى السلوي، عرّف فيها بمؤلفاته الشعرية والروائية، قبل أن يمضي في سرد بورتريه للمحتفى به، وينشد أبياتا من أشعاره.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال الأشعري: “أسعد دائما بالمشاركة في الأعمال الثقافية في هذه المدينة، التي لا أعتبرها فقط قلعة من الماضي، بل أيضا قلعة من المستقبل كونتُ مع شعرائها ومثقفيها ومناضليها علاقات وطيدة”.
واستحضر الأشعري- وهو يتحدّث عن وجدة- مبادرته التي وصفها بـ”الأخلاقية”، إبان ترؤسه اتحاد كتاب المغرب في ثمانينيات القرن الماضي، حين دعا 20 كاتبا جزائريا إلى وجدة للقاء 20 كاتبا مغربيا بعد فتح الحدود بين البلدين سنة 1988، “حيث طلبت من الجزائريين أن يقدموا كتب المغاربة، ومن المغاربة أن يقدموا كتب الجزائريين”.
وأَضاف “في ذلك اللقاء اكتشفنا أن إخوتنا في الجزائر كانوا منقطعين انقطاعا كاملا عن متابعة ما يجري حتى في أقرب بلد إليهم، وقد قلت في ختام ذلك اللقاء: الذي يفقد العلاقة المباشرة مع جاره يفقد العلاقة مع العالم”.
ويرى الأشعري أنه “ربما نحن محتاجون اليوم إلى استعادة هذه الأفكار من جديد، ليس لنتأسف أو نتباكى، ولكن لنحصن أنفسنا من السقوط في فخاخ الانقطاع والتوتر والمعاداة” لأن “ما تستطيعه اللغة يستطيعه الواقع”.
وفي تجاوب مع أسئلة الحضور، انتقد الأشعري، الذي تولى حقيبة وزارة الثقافة في وقت سابق، ما وصفه بـ”حصار اللغة العربية” في المغرب، واصفا العربية بـ”وعاء الأدب”. وأضاف أنه يراهن على هذا الأدب للحفاظ على العربية، ودعا في الوقت ذاته إلى تضمين قصائد شعراء مغاربة وعرب في المناهج الدراسية.
وحين دعُي الأشعري إلى قراءة بعض من قصائده، طلب أن يقوم بذلك واقفاً، فاستجاب المنظمون لطلبه وأحضروا له منبرا، فشرع في قراءة أول المقاطع من قصيدة “أوراق سقطت حية”، وهي ضمن مجموعة شعرية صدرت له حديثاً ببيروت بعنوان “أحوال بيضاء”.
في هذا السياق، قال منتصر لوكيلي، المدير الجهوي للثقافة بجهة الشرق، إن هذا اللقاء المنظم في مؤسسة تلقن مجموعة من فنون الموسيقى والكوريغرافيا، يهدف إلى عدم إغفال “مكون أساسي نكاد لا ننتبه إليه هو الكلمة ولنقرّب من الأذهان الصور والموسيقى الشعريتين”.
وأضاف لوكيلي، في تصريح لهسبريس، “لا يخفى علينا أن وجدة عرفت في سبعينيات القرن الماضي زيارة الشاعر العربي الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، وهو من الشعراء الذين أسسوا لجيل من الشعراء الذين اعتمدوا التفعيلة عوض القصيدة العمودية التقليدية، من بينهم الشاعر المحتفى به محمد الأشعري”.
وبخصوص الأشعري، قال لوكيلي: “إنه شاعر يحمل خوذة روائي أو روائي يعلو صهوة الشعر”، قبل أن يضيف “شرّف المغرب بحصوله على جوائز عالمية، وترجمت أعماله إلى لغات أجنبية ولاقت رواجاً كبيراً، وعرّف بالثقافة المغربية شعرا وثقافة”.
وللشاعر والروائي محمد الأشعري أعمال عديدة منها: “صهيل الخيل الجريحة”، و”يومية النار والسفر”، و”جنوب الروح”، و”من خشب وطين”، و”القوس والفراشة”، وهي رواية حصلت على جائزة البوكر العربية للرواية عام 2011، قبل حصوله على جائزة الأركانة العالمية للشعر عام 2020. وشغل الأشعري منصب وزير الثقافة (1998-2007)، إلى جانب اشتغاله في مجال الصحافة ونشاطه في السياسة في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى غاية سنة 2012.
المصدر: وكالات