بعنوان “الماشية والمناخ وسياسات الموارد”، صدر كتاب تمهيدي جديد بالتزامن مع اليوم العالمي لنضالات الفلاحين، الموافق 17 أبريل من كل سنة.
يستكشف الكتاب، الذي توصلت هسبريس بنسخة منه قبيل إصداره للعموم، مختلف “النُّظم الرعوية في أنحاء متفرقة عبر العالم، كما يشجع على النظر في إمكانيات تربية الماشية المستدامة كحل بديل لمواجهة التحديات البيئية وبناء نظام غذائي أكثر استدامة وإنصافا للجميع”، وفق ما أفاد به القائمون على نشر الكتاب.
هذا الكتاب الجديد، الصادر عن منشورات “المعهد العابر للقوميات” (TNI) و”شبكة شمال إفريقيا للسيادة الغذائية”، يأتي عبارة عن ترجمة عربية للمؤلَّف الأصلي لكاتبه إيان سكونز، من قبَل ثائر ديب ومهيار ديب، فيما راجعه لغويا عمرو خيري، وحرر النسخة العربية منه حمزة حموشان.
وإيان سكونز أستاذ في معهد دراسات التنمية في جامعة بحثية بريطانية هي “University of Sussex”، عَمِل على موضوع الأرض والماشية والزراعة، لا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء، لسنوات عديدة. كما قاد مشروع “PASTRES” (الرعي وانعدام اليقين والمرونة: تعلُّم الدروس من الهوامش) الذي يدعمه “المجلس الأوروبي للبحوث”.
سياق “أزمة”
في تعليق مرفق بالكتاب توصلت به هسبريس، يوضح الناشرون أن هذا الإصدار يأتي في سياق “تركز فيه الأسواق الرأسمالية على اعتبار الغذاء مجرد سلعة مدرة للربح”، بينما ما زالت تربية الماشية الصناعية تواجه انتقادات واسعة بسبب آثارها المدمرة، بما في ذلك إزالة الغابات وتلوث المياه وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفقدان التنوع البيولوجي.
بالرغم من ذلك، يضيف المصدر ذاته، “من المهم إدراك أن جميع أشكال تربية الماشية ليست متكافئة عندما يتعلق الأمر بالتأثيرات البيئية”، لافتا إلى أن “العديد من المجتمعات الأصلية في جميع أنحاء العالم قد وضعت قواعد تربية الماشية المستدامة، وذلك بطرق تدعم فعليا صحة النظام الإيكولوجي وقدرته على الصمود لعدة قرون”.
ويحاول المنشور ذاته، الوارد في أكثر من خمسين صفحة من القطع المتوسط، إطلاع المهتمين والباحثين على هذا “القطاع الحيوي في ضوء الأزمة الغذائية والاقتصادية والمناخية التي تتخلل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”، خالصا إلى أنها “المنطقة الأكثر تأثرا من جرّاء التداعيات البيئية والمناخية الوخيمة التي أفضت إلى استمرارية تدهور الأراضي الرعوية وندرة المياه والموارد الأساسية اللازمة للزراعة والمواشي”.
في نسخته العربية، يرصد الكتاب، في 11 فصلا، طبيعة “المجتمعات الرعوية بالمنطقة”، معتبرا أنها تواجه “تحديات أخرى”، قبل أي يعدّد إياها في “قلة الدعم الحكومي، والإجراءات التي تعرقل أساليب الرعي التقليدية، واكتساح الأنظمة الرعوية الصناعية الراهنة المبنية على الاستغلال المكثف للثروات الحيوانية”.
كما يسعى إلى “التعريف بكفاح الفلاحين والرعاة للحفاظ على استقلاليتهم ضد هيمنة الشركات الكبرى بالمناطق الريفية والقروية، التي أصبحت اليوم وجهات جديدة للتدخلات {التنموية} واستثمارات هذه الشركات”، وفق تعبير ناشري الكتاب.
وحسب المصدر ذاته، فإن “تخفيض استهلاك اللحوم واعتماد بدائل النظام الغذائي النباتي، قد يبدو حلاً سهلا وعمليا لمواجهة إشكاليات الأنظمة الرعوية الصناعية”، مستدركا بأن “الأمر أعمق من ذلك، إذ قد يصير سقفا زجاجيا يعيق الرؤية الشاملة لعملية توزيع الغذاء في سياقها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، خصوصا عندما تكون التباينات المتعلقة باستهلاك المنتجات الحيوانية صارخة، وسوء التغذية منتشرا على نطاق واسع في منطقة إفريقيا”.
وخلص إلى أن “هناك أشكالا أخرى متوارثة عبر الأجيال من شأنها دعم الرعي التقليدي وأساليب أخرى من تربية الماشية المحترمة للبيئة والمساحات الرعوية، والتي أبانت عن نجاعتها في تعزيز التنوع البيولوجي وعزل الكربون ودعم سبل عيش ملايين الأشخاص حول العالم الذين يعتمدون على المعارف الحميمية والممارسات التقليدية لإنتاج الأغذية على نحو مستدام، نظرا لارتباطهم المستمر بالموارد الطبيعية”.
مضامين إضافية
تنقسم محتويات “الكتيب التمهيدي”، حسب وصف ناشريه، إلى 11 فصلا تشكل عناوين فرعية جاءت على شكل أسئلة تهيكل إجاباتها الشكل العام للإصدار، وفق ما طالعته هسبريس.
بينما يطرح الفصل الأول سؤال “ما الرعي وما أهميته؟”، يقارب الثاني فروق “اختلاف الرعاة عن الفلاحين”، في حين يرصد الفصل الثالث أوجه “الاختلاف بين الرعي والطرائق الأخرى لتربية الحيوانات”.
باقي العناوين التي تشكل محتويات الإصدار جاءت على شكل تساؤلات كالتالي: “هل يدمّر الرعاة البيئة ويسببون التصحّر؟”، “هل تُحْدِث الماشية تغيّراً في المناخ؟”، “ما قيمة الرعي؟”، “هل اللحوم والحليب وغيرها من المنتجات الحيوانية مهمة لنُظم البشر الغذائية؟”، “كيف يشكل الاستيلاء على الموارد خطراً على الرعاة؟”، “هل تتوافق المحميات الطبيعية مع الرعي؟”، “كيف ينظّم الرعاة أنفسهم للدفاع عن مصادر رزقهم وبيئاتهم؟” وَأخيرا “هل يسع الرعاة أن يُرُونا المستقبل؟”
ويختم الإصدار بالقول إنه “سلط الضوء على عدد من الخصائص التي تسِم ممارسات الرعاة في كسب عيشهم وتُبرز عيشهم مع انعدام اليقين ومنه”، راجيا أن يكون مساهمة في فتح نقاش بناء حول “الرعي المستدام” وتطوير سبل دعم الفلاحين والرعاة في المنطقة.
المصدر: وكالات