فقد أقيم يوم أمس في مقر المجلس العالمي للزيتون في العاصمة الإسبانية حفل بمناسبة انضمام المملكة رُفع خلاله العلمُ السعودي في مقر المجلس الدولي للزيتون وتم غرسُ شجرة الزيتون في حديقة السلام.
المجلس الدولي للزيتون حسب المصادر المفتوحة على الإنترنت هو منظمة حكومية دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، تضم عدداً من الدول حول العالم، ويهدف للعمل على تشجيع التوسع في التجارة الدولية لزيت الزيتون وزيتون المائدة، بجانب تطوير وتحديث المعايير التجارية للمنتجات وتحسين جودتها، إضافةً إلى تعزيز التعاون الفني الدولي في مشاريع البحث والتطوير والتدريب ونقل التقنية.
من غير المعلوم بدقة عدد أشجار الزيتون في المملكة، وإن كانت بعض الإحصاءات تتحدث عن أكثر من 20 مليون شجرة في منطقة الجوف لوحدها، لكن زراعة الزيتون شهدت قفزات كبيرة خلال فترة وجيزة. حيث دخلت منطقة الجوف على سبيل المثال موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية كأكبر كمية من أشجار الزيتون في العالم.
كما تتحدث وزارة البيئة والزراعة والمياه عن نجاح مركز أبحاث الزيتون في الجوف بإنتاج أكثر من ثلاثين صنفاً من أصناف الزيتون العالمية في المملكة، حيث تنجح زراعة الزيتون بين خطي عرض 30-45 درجة، وتعد درجة الحرارة المثلى لزراعة الزيتون ما بين 15-20 ويحتاج ما بين 1000 إلى 2000 ساعة برودة.
لقد أسهم ارتفاع الوعي الصحي والغذائي المجتمعي بارتفاع استهلاك زيت الزيتون بديلاً صحياً عن غيره من الزيوت غير الصحية، كما اتسعت تبعاً لهذا الوعي الصحي الغذائي الزراعة العضوية، حيث جاءت أكبر مزرعة عضوية للزيتون في العالم في الجوف.
في ظل انضمام المملكة للمجلس الدولي للزيتون، لا بد أن يكون لمهرجان الجوف للزيتون دور فاعل أكبر تضاف إلى ما حققه المهرجان من إنجازات كعلامة ثقافية وتجارية وغذائية وسياحية تتجاوز المحلية بكثير، يجب الحفاظ عليها والاستثمار فيها وتعميقها والبناء عليها إعلامياً وتجارياً واستثمارياً بكل السبل وبشكل دائم ومستمر، فلا مجال للتلقائية والعشوائية في عصر تحتدم فيه المنافسة عالمياً بكل شيء.
ففي دراسة أجراها مؤخراً مركز الأمير عبدالرحمن السديري تحت عنوان «مستقبل زراعة الزيتون في الجوف»، أشارت نتائج الدراسة إلى تحديات تعكس وعياً متسارعاً بين المزارعين والمشتغلين في المهن والحرف القائمة على الاستثمار في زراعة وصناعة وتجارة الزيتون. ومن أبرزها المطالبة بالمساعدة بالتحول من الزراعة التقليدية للزيتون إلى الزراعة المكثفة الحديثة، والمطالبة بالمساعدة بالتحول من الطريقة التقليدية بالقطاف إلى الطرق الأحدث والأسهل والأنسب في القطاف، ناهيك عن الحاجة الأزلية لرفع الوعي والتدريب المحترف للمزارعين وكافة المشتغلين في صناعات الزيت والزيتون.
إن انضمام المملكة للمجلس الدولي للزيتون يلقي بالكثير من المسؤولية مثلما أنه يفتح الكثير من الآفاق والفرص، ومن هنا أجدد اقتراحاً سابقاً كنت قد خصصت له مقالاً في عكاظ وهو المطالبة بتأسيس مركز وطني للزيت والزيتون، على غرار المركز الوطني للنخيل والتمور، والذي بفضله وبفضل أهدافه تربعت المملكة على صدارة خارطة العالم للتمور كمياً ونوعياً خلال فترة وجيزة.
إن المركز الوطني للزيت والزيتون ضرورة تمليها الحاجة للتوسع الكمي والنوعي المدروس والمنظم، وتمليها الحاجة لخلق المزيد من فرص الاستثمار والمزيد من فرص التوظيف، ناهيك عن الحاجة لتبني سياسات استثمارية واضحة في الصناعات الدوائية والغذائية والتجميل في منطقة الجوف، وهي متوفرة في الزيت والزيتون ومشتقاتهما. كما أن المركز الوطني للزيت والزيتون ضرورة لإدارة وتشغيل مهرجان الجوف للزيت والزيتون في رفع كفاءته ونتائجه ومستهدفاته.
أخيراً أرى ضرورة إنشاء معهد للزيتون في منطقة الجوف بالتزامن مع انضمام المملكة للمجلس العالمي للزيتون قادر على توفير قدرات وطنية لإدارة وتشغيل مختبرات الجودة وكافة البرامج التدريبية لمزارعي الزيتون والمشتغلين بالصناعات الغذائية ومنتجاته الدوائية والأعمال الفنية البيئية. فالعديد من مبررات إيجاد معهد الجوف للزيتون أولاً) لحجم زراعة وصناعة وتجارة الزيتون حاضراً ومستقبلاً في المنطقة وفي المملكة عالمياً، ثانياً) للاستفادة من فرصة انضمام المملكة للمجلس الدولي للزيتون، وثالثاً) لتقليص حجم البطالة في منطقة الجوف وبعض مناطق شمال المملكة والتي لا تزال مرتفعة بسبب الفجوة الكبيرة بين فكر إدارة الموارد البشرية في الجوف، والفرص المتاحة في المنطقة، حيث لا يعكس المتاح من فرص وظيفية في المنطقة الفرص الحقيقية في المنطقة.