بقلم: د.راشد دخيل العنزي
أستاذ مشارك بقسم الاقتصاد – كلية الدراسات التجارية
تعرض بنك وادي السيليكون إلى أزمة اقتصادية أدت إلى انهياره في شهر مارس من عام 2023، وتداعت لهذه الأزمة قطاعات اقتصادية كثيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر قطاع شركات التقنية الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا وكذلك قطاع المصارف بشكل عام في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية.
ويُعزى السبب في نشوء بنك وادي السيليكون إلى حاجة شركات التقنية الناشئة إلى قروض من قبل البنوك والذي استعصى عليها لأن البنوك الأخرى تشترط وجود أصول لهذه الشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا، وأن تكون لديها سيولة وتدفقات نقدية.
ومن هنا كانت الحاجة الملحة لوجود بنك يسد هذه الفجوة ويلبي حاجة الشركات الناشئة للاقتراض ومن هذا المنطلق تأسست مجموعة بنك وادي السيليكون المالية (SVB) منذ أربعين سنة في عام 1980.
فمنذ ذلك التاريخ لعب البنك دورا أساسيا في إقراض الشركات الناشئة وتطور مع الوقت بسبب انه اللاعب الأساسي ويكاد يكون الخيار الوحيد الذي يخدم هذا القطاع من حيث الاقراض والاحتفاظ في ودائعه الى ان وصلت مجموع اصوله (SVB) الى ما يقارب 211.5 مليار دولار في نهاية 2021.
ومن أسباب نمو وازدهار البنك وجود تنوع في عدد كبير من قاعدة العملاء المتخصصة في الشركات الناشئة في القطاع التكنولوجي، هذا القطاع الذي ازدهر ونما وتوسع خلال فترة جائحة كورونا (19-covid) مستغلا حاجة الناس الى العمل في المنازل وحاجة الافراد الى التكنولوجيا كل على حسب اختلاف مشاربهم وحاجتهم.
الامر الذي أدى الي زيادة وارتفاع ودائع هذه الشركات لدى بنك وادي السيليكون، الى ان تضاعفت هذه الودائع اربع مرات خلال اربع سنوات من 44 مليار دولار في عام 2017 الى 200 مليار نهاية عام 2021 بينما نمت القروض التي يقرضها البنك للشركات الناشئة من 23 مليارا الي 66 مليارا لنفس الفترة الزمنية.
ويعود سبب انهيار بنك وادي السيليكون عندما بدأت كرة الثلج بالتسارع حين رفع البنك الفيدرالي أسعار الفائدة ثماني مرات متتالية حيث كانت نسبة سعر الفائدة 0.5% في مارس من عام 2022 إلى 4.75% في فبراير 2023 والتي أدت بدورها الي تآكل قيمة السندات الموجودة في البنك وكذلك البنوك الأخرى.
ومما هو جدير بالذكر ان ودائع البنك التي بلغت 21 مليار دولار كانت بمتوسط عائد 1.79% قبل رفع البنك الفيدرالي أسعار الفائدة مما تسبب في نضوب المال الاستثماري مما أدى الى اجبار الشركات الناشئة على الإسراع في سحب أموالها المودعة لدى البنك وبالتالي خسارة هذه الودائع.
وتشير احصائيات بنك وادي السيليكون إلى أن قيمة الودائع التي تم سحبها قد بلغت ما مقداره 42 مليار دولار (نحو ربع اجمالي ودائع البنك) مما سبب في تدمير تدفق السحوبات المالية للبنك.
كذلك تم سحب مبالغ كبيرة من زبائن يملكون اكثر من 250 الف دولار، وهو المبلغ الاقصي الذي تضمنه مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) التي بدورها وضعت البنك تحت اشرافها، وبالتالي أدت إلى اكبر افلاس مصرفي بالولايات المتحدة الأميركية، منذ الأزمة المالية عام 2008.
هذه الأسباب وغيرها حدت بالبنك إلى بيع ما قيمته 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة كي يدعم ميزانيته العمومية الأمر الذي ادى الى انخفاض اسهم البنك بما مقداره 69%.
هذا، ولاتزال تداعيات انهيار بنك وادي السيليكون حاضرة وقد تكون لها تأثيرات اقتصادية أخرى لم تظهر للسطح إلى وقتنا الحاضر.