بالنسبة لبعض مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، كان الهدف من مغادرة الاتحاد الأوروبي هو إعادة إنعاش قطاع الصناعة في البلاد، لافتين إلى أن التخلي عن دور لندن كمركز مالي لأوروبا يعني تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، وهو ما يساعد قطاع التصنيع «الخامل» منذ فترة طويلة في البلاد على الانتعاش والنمو. لكن ما حدث حسب مجلة «إيكونوميست»، هو أن صادرات السلع تراجعت، وتمتعت بريطانيا بأداء تصديري لافت في ما يتعلق بصادراتها من الخدمات، التي ارتفعت منذ دخول اتفاقية التجارة والتعاون الجديدة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في بداية عام 2021 بنسبة 3.6%. ولا يبدو أن جحافل المصدرين البريطانيين ذوي الياقات البيضاء قد تضرروا بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتقول الخبيرة الاقتصادية في مؤسسة «ريزوليوشن»، صوفي هيل، إن «تجارة الخدمات مهمة للغاية بالنسبة للملكة المتحدة، وإنها أقل اعتماداً على الاتحاد الأوروبي من تجارة السلع»، لافتة إلى أن نحو 36٪ من صادرات بريطانيا من الخدمات، تتجه إلى الكتلة الأوروبية مقابل 47٪ من صادراتها من السلع. وقد استفاد المستشارون والمصرفيون في لندن من التعافي السريع لأميركا بشكل خاص من الجائحة، فارتفعت صادرات الخدمات عبر المحيط الأطلسي بنسبة 43٪ مقارنة بعام 2018، وهو آخر عام كامل قبل تشويه أنماط التجارة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبسبب جائحة كورونا.
على سبيل المثال، نجح الطلاب القادمون من الهند ودول أخرى في تعويض الانخفاض في الطلب على التعليم من الاتحاد الأوروبي، وارتفعت صادرات السفر المرتبط بالتعليم إلى الهند بنسبة 435٪ منذ عام 2018. وساعدت المعاهدة التي توافق على الاعتراف المتبادل بالمؤهلات، وكذلك التحرك لتحرير ما بعد نظام تأشيرة الدراسة للطلاب، على زيادة أعداد الدارسين.
لكن التفسير الأكبر للاختلاف بين السلع والخدمات يكمن في الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي نفسه. فصادرات السلع من بريطانيا إلى التكتل الأوروبي لم تستعد مستواها في عام 2019، في حين ارتفعت صادرات الخدمات بنسبة 16٪. ويعتبر سوق الخدمات الموحدة في أوروبا أقل تطوراً من سوق السلع، وربما وجدت شركات الخدمات أيضاً طرقاً ذكية لتخفيف الاحتكاكات التجارية والاهتمام بالخدمات.