حذر أطباء مختصون، من اللجوء إلى العلاج بالطب البديل، بدلاً من الطب التخصصي القائم على الأبحاث والدراسات العلمية الموثقة، فيما كشفت إحصاءات حديثة عن هيئة الصحة في دبي، عن تزايد الإقبال على عيادات الطب البديل بدبي بنسبة 69.6%.
وأكد الأطباء أن هذه النوعية من العلاجات، تحمل في طياتها الكثير من المخاطر، في حال الاعتماد عليها بعيداً عن الأطباء المختصين، مشددين على ضرورة التداوي بالأساليب العلمية الحديثة المعتمدة، خصوصاً في علاج الأمراض المزمنة والخطرة.
وحسب أحدث إحصاءات هيئة الصحة بدبي، بلغ إجمالي عدد مراجعي عيادات الطب البديل بالقطاع الخاص 184 ألفاً و649 مراجعاً عام 2021، مقارنة بـ115 ألف مراجع عام 2020، بزيادة بلغت 69 ألفاً و649 مراجعاً، ما يعادل 69.6%.
وأشارت الهيئة إلى أن الأرقام تشير إلى تزايد الإقبال على مثل هذه النوعية من العيادات خلال الفترة الأخيرة، وتصدرت الإناث نسبة المقبلين بمعدل 56.5%، مقابل 43.5% للذكور، فيما بلغت نسبة المواطنين من مراجعي هذه العيادات 16%، مقابل 84% من المقيمين.
ولفتت الهيئة إلى أن خدمات الطب البديل في دبي تضم 32 نوعاً من العلاجات، بالإضافة إلى علاجات أخرى كان أكثرها علاجات «كينزو ثيربي» بنسبة 33.7%، ثم المعالجة الكهربائية بنسبة 14.9%، ثم علاج آلام الظهر بنسبة 6.3%، ومن ثم تأتي علاجات الجهاز العصبي والعضلي بنسبة 5.4%، ثم العلاج بالطاقة الحيوية بنسبة 5.3%.
وأكد استشاري طب الأسرة بدبي، الدكتور عادل سجواني، أن «الطب الحديث لا يؤمن بشيء اسمه الطب البديل، ولا يعترف به كطريقة للعلاج، لأن الطب هو علم يبحث عن الأسباب والعلاجات لمختلف الأمراض، من خلال دراسات وأبحاث علمية عميقة ودقيقة وموثقة، نشرت في مجلات علمية مرموقة، وهذه الأمور جميعها لا تنطبق على الطب البديل».
وقال: «يلجأ الناس إلى الطب البديل، لأن كثيراً من الأمراض إلى الآن لم يتم اكتشاف أدوية لها، خصوصا الأمراض المزمنة، ويعتقدون أنهم قد يجدون مرادهم في هذه النوعية من العلاجات، على الرغم من أنها قد تكون لها أضرار لا نعلمها على المديين القريب والبعيد، وقد يضر بعضها أجهزة الجسم».
وأضاف: «من يلجأ إلى الطب البديل، قد يتعرض لمضاعفات خطرة، بسبب التأخر في الحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب، ومن ثم يصبح علاجه أصعب، ويتطلب وقتاً أطول»، مشيراً إلى أن الطب البديل يعد بعلاجات شافية وقوية دون استنادات علمية.
وحذر من اللجوء إليه وتجاهل الطرق العلمية في العلاج، وأنه على من يلجأ إليه يتحمل مسؤولية قراره ونتائجه، مشدداً على عدم إهمال العلاج بالطب الحديث في الوقت نفسه.
من جهته، عزا استشاري طب الأسرة والصحة المهنية، الدكتور منصور أنور حبيب، الإقبال المتزايد على علاجات الطب البديل، إلى تخوف الناس من مضاعفات الطب التقليدي، سواء كانت أدوية أو عمليات جراحية تتضمن مخاطر، ومن الأسباب أيضاً أن المقبلين عليه لديهم فكرة أن الطب البديل يعتمد على أدوية طبيعية بعيدة عن التدخلات الكيميائية في أدوية وعلاجات الطب الحديث.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن بعض الدول المتقدمة أصبحت لديها الآن مراكز بحثية تركز على الطب البديل، إلا أنه يجب عدم الاعتماد عليه كطريقة أحادية للعلاج، لأنه يفتقد الدراسات طويلة المدى، التي تضمن سلامة هذه الأعشاب وهذه المكونات والطرق العلاجية المختلفة، التي قد تؤثر سلباً في وظائف الكبد والكلى.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للصحة العامة، الدكتور سيف درويش، إن ارتفاع الطلب على علاجات الطب البديل تزايد بشكل كبير خلال فترة جائحة كورونا، كمحاولة للبحث عن أدوية وعلاجات فعالة، وتخوف البعض من الذهاب للمستشفيات خلال هذه الفترة.
وتابع: «تعد الدعايات المضللة أيضاً لمراكز العلاج بالطب البديل من أسباب جذب المرضى إليها، حيث يلجأ المروّجون لهذا النوع من العلاجات إلى إيهام المرضى بتقديم العلاج الشافي لكل الأمراض في أوقات قياسية، الأمر الذي يدفع كثيرين إلى اللجوء إليها، والوقوع ضحايا لمخاطرها».
ولفت إلى أن أهم مخاطر هذه العلاجات أن كثيراً من المرضى، خصوصاً ذوي الأمراض الخطرة، يتأخرون في اللجوء للعلاجات العلمية المطلوبة لعلاج أمراضهم في بدايتها، الأمر الذي يصعب عملية العلاج فيما بعد، ويعرض حياتهم للخطر.
وذكر أن ترخيص هذه المراكز من الجهات الصحية المعتمدة عزز ثقة الناس بها، مشدداً على ضرورة الاعتماد المقيد عليها، إلى جانب العلاجات العلمية الحديثة، وتحت إشراف طبي.
وأكد أن كثيراً من ممارسي هذه العلاجات يبيعون الأمل والوهم للمرضى بإمكانية العلاج، بالمخالفة للحقائق العلمية المتعارف عليها.
وحذر من الوقوع ضحايا لنصابين يستخدمون اسم الطب البديل لجذب عملائهم من المرضى الباحثين عن الشفاء، من خلال الكذب والتضليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن الدور الرقابي للأجهزة الصحية لعب دوراً كبيراً في الحد من هذه الظاهرة.
راحة مؤقتة
شرح رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للصحة العامة، الدكتور سيف درويش، أن إحساس كثير من المرضى بالراحة المؤقتة بعد استخدام إحدى طرق الطب البديل، ساعد على تزايد الإقبال عليه والترويج له، على الرغم من وجود فوارق كبيرة بين الشعور بالراحة والشفاء، مؤكداً أن العامل النفسي يلعب دوراً كبيراً في الإقبال على هذه العيادات والمراكز، كذلك حب الناس لاستخدام كل ما اقترب من الطبيعة، سواء كان منتجاً أو وسيلة علاجية.
184
ألفاً و649 مراجعاً إجمالي مراجعي عيادات الطب البديل بالقطاع الخاص عام 2021.