أكد عالم الوراثة الأمريكي البروفيسور بكلية الطب بجامعة هارفارد، د. ديفيد سنكلير، أن دولة الإمارات مؤهّلة لأن تصبح أول بلد يستطيع تأخير شيخوخة الإنسان، كونها تعد الأكثر تقدماً وريادة عالمياً في مجال تطوير تكنولوجيا الجينوم، ولديها مشروع عملاق ورائد يسمى بـ”الجينوم الإماراتي”، مشدداً على أن الشيخوخة حالة مرضية قابلة للعلاج، وتعد السبب الرئيس للأمراض، وتؤدي إلى وفاة 150 ألف شخص سنوياً على مستوى العالم.
وأوضح سنكلير، خلال محاضره رمضانية ألقاها في مجلس محمد بن زايد أول من أمس، بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء. وزير الداخلية، أن مختبره البحثي توصل لاكتشاف علمي مذهل، هو أن الإنسان لديه نسخة احتياطية من “جينات المعلومات” في كل خلية بشرية، يجري الفريق العلمي أبحاثاً على إمكانية إعادة برمجة هذه النسخة الاحتياطية لعلاج الشيخوخة واستعادة الشباب في غضون 6 أسابيع، كما كشف العالم الأمريكي، أن هناك محادثات تجرى حالياً بين مركزه البحثي (مركز سنكلير) وعدد من المؤسسات الإماراتية الرائدة في البحوث العلمية والطبية، لأن تصبح دولة الإمارات مركزاً عالمياً في مجال إعادة الإبصار وعلاجه.
وتفصيلاً، شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء. وزير الداخلية، ثالث المحاضرات الرمضانية لمجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، التي قدّمها العالم الأمريكي المتخصص في علم الوراثة بكلية الطب بجامعة هارفارد، د. ديفيد سنكلير، تحت عنوان “الشيخوخة.. أسبابها وإمكانية الوقاية منها”، بحضور وزير التسامح والتعايش، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في القطاع الصحي بالدولة.
وتضمّنت المحاضرة، التي أدارها الحاصل على دكتوراة في علم الوراثة اللا جينية لتشخيص سرطان الدم لدى الأطفال، الدكتور محمد سالم العامري، خمسة محاور رئيسة، شملت “أسباب التقدّم في العمر، كيفية معرفة العمر البيولوجي، قابلية الشفاء من الشيخوخة، آلية التحكم في عملية الشيخوخة، كم سيكون عمر الإنسان في المستقبل”.
وبدأ سنكلير محاضرته بالتأكيد على أهمية تغيير طريقة تفكير البشر بشأن الشيخوخة بشكل جذري، من خلال التعامل معها كمرض يمكن علاجه والشفاء منه، بدلاً من اعتبارها مظهراً شائعاً وطبيعياً من علامات التقدم في العمر، مشدداً على أن البحوث العلمية أثبتت أن الشيخوخة تعد المسبّب الرئيس لأمراض كثيرة، وتؤدي إلى وفاة نحو 150 ألف شخص سنوياً على مستوى العالم.
وقال: “الشيخوخة ليست حتمية، بل هي حالة مرضية قابلة للعلاج، ولا يوجد قانون في علم الأحياء ينص على أنه يجب علينا التقدم في السن بهذه الوتيرة، ومن ثم يمكننا أن نحرز تقدماً في عملية إبطاء الشيخوخة، وهي نظرية بات عدد العلماء الذين يؤمنون بها في تزايد مستمر، لأنهم أصبحوا أكثر قدرة على فهم سبب تقدمنا في السن وكيفية تأخير الشيخوخة”، مؤكداً أن دولة الإمارات مؤهّلة لأن تصبح أول بلد يستطيع تأخير شيخوخة مواطنيه وتجني المكاسب الاقتصادية والاجتماعية، كونها تعد الأكثر تقدماً وريادة عالمياً في مجال تطوير تكنولوجيا الجينوم، ولديها مشروع عملاق ورائد يسمى بالجينوم الإماراتي يمكننا أن نتعاون معه في تطوير التكنولوجيا الجينومية عالمياً”.
وأضاف سنكلير: “يمكننا من خلال التغيير الجذري في منظورنا للشيخوخة، العمل على زيادة متوسط العمر المتوقع للإنسان بشكل كبير، إذ توصلت وفريقي البحثي على مدار السنوات الماضية، إلى أن أهم الأسباب المؤدية للشيخوخة هي فقدان المعلومات، فالإنسان لديه نوعين من المعلومات في الجسم يرثهما من والديه، ويتأثران بالبيئة والوقت، الأول هو المعلومات الرقمية (الشفرة الجينية)، بينما الثاني هو المعلومات التناظرية (الإبيجينوم)، أو الشفرة التي تحيط بالمادة الوراثية في الجينوم، وتتحكم في تشغيل وتوقف الجينات عن العمل، والذي يبدأ في فقدان المعلومات بمرور العمر، كما يحدث للأقراص المدمجة بسبب الخدوش، ومن ثم تفقد الخلايا القدرة على تشغيل الجينات الصحيحة في الوقت المناسب، بما يفقدها دورها أو وظائفها”.
وتابع: “أكبر اكتشاف توصّل إليه مختبرنا، هو أن الإنسان لديه نسخة احتياطية من المعلومات في كل خلية بشرية، ومن خلال تشغيل ثلاث خلايا جنينية، تسمى O و S و K، تمكّن فريق (سنكلير) من إعادة عمر الأنسجة للوراء بنسبة 75٪ في غضون 6 أسابيع، ما يعني أنه قد يمكننا في المستقبل معالجة شخص طاعن بالسن وإعادته لحالة الشباب من خلال إعادة برمجته والاستعانة بنسخ المعلومات الاحتياطية في خلاياه”، منوهاً إلى أن المختبر سيعلن قريباً عن نتائج الأبحاث على بعض الحيوانات الأخرى مثل الشمبانزي والليمور.
وأوضح أنه تمكن وفريقه البحثي في مختبر سنكلير من إثبات أن الإبيجينوم قابلاً للتغيير، من خلال إجراء تجارب على الفئران نجحوا عبرها في تسريع الشيخوخة وعكس مسارها في الحيوان نفسه، كما أدى عكس عقارب الساعة اللاجينية في الأعصاب البصرية للفئران المسنّة العمياء إلى استعادتها البصر تماماً، قائلاً: “إذا كان من الممكن إعادة شيء معقّد مثل شبكية العين إلى حالة الشباب، ربما عدة مرات، فلا شك أننا سوف نستطيع إعادة أجهزة حيوية أخرى كثيرة إلى شبابها، ولكي نكون واضحين، هناك مسافة كبيرة لابد من قطعها بين ما يمكن فعله مع الفئران في المختبر وما يمكن فعله لمساعدة البشر على محاربة الأمراض وإطالة سنوات عمرهم الصحية”.
وكشف العالم الأمريكي، أن هناك محادثات تجرى حالياً بين مركزه البحثي وعدد من المؤسسات الإماراتية الرائدة في البحوث العلمية والطبية، لأن تصبح دولة الإمارات مركزاً عالمياً في مجال إعادة البصر وعلاجه، مؤكداً أن الإمارات تمتلك قيادات قادرة على التغيير والتطوير وكوادر علمية رائعة يمكن العمل معها لخدمة الإنسانية. وأكد سنكلير أنه إذا كان من الممكن بالفعل إعادة ضبط البرنامج الذي يتسبب في تقدم البشر في السن، فقد يكون علاج الشيخوخة أسهل مما يعتقد الكثيرون، بل إنه قد يكون أسهل من علاج السرطان، ومن المحتمل جداً أن يكون أول شخص سيعيش حتى 150 عاماً قد وُلد بالفعل، حسب قوله، لافتاً إلى أن الطريقة التي يعيش بها الإنسان لها تأثير كبير على سرعة أو إبطاء علامات الشيخوخة التي تشبه الخدوش الموجودة على القرص المضغوط، ومن ثم يمكن أن يؤدي القيام بالأشياء بشكل صحيح إلى إبطاء عملية الشيخوخة بشكل كبير.