أكد أكاديميون وقانونيون كويتيون ضرورة تعزيز منظومة مجابهة آفة المخدرات لتصبح عملية المكافحة والضبط خالية من أي ثغرات قانونية قد يستغلها المروجون أو التجار.
ورأى الأكاديميون والقانونيون، في تصريحات متفرقة لـ «كونا»، إن كثيرا من المهربين يعتمدون على ما قد يحدث من قصور في عملية إجراءات الضبط أو التحري لاستغلال الثغرات القانونية للإفلات من التهمة والعقاب.
وحذروا من الأخطار والآثار السلبية الناجمة عن هذه الآفة مجتمعيا مما يجعل الأسرة برمتها تعاني أثرها، خصوصا أنه «كلما زادت واستفحلت فإنها تفتح بابا للعديد من الجرائم التي ستؤثر على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا».
وقال رئيس قسم القانون في كلية القانون العالمية د.أحمد العتيبي إن القانون الكويتي عالج هذه الجريمة بشكل تام، إذ تصل عقوبة تجارة المخدرات إلى الإعدام، لكنه رأى أن الخلل يكمن أحيانا في إجراءات الضبط الجنائي وما قد يصاحبها من قصور، داعيا إلى زيادة تثقيف رجال الداخلية لتجنب الوقوع في مصيدة الخطأ الإجرائي.
وأشاد العتيبي بالجهود الكبيرة لوزارة الداخلية في التصدي لظاهرة الاتجار بالمخدرات من خلال الضبطيات الكبيرة التي تستهدف السوق المحلي، مضيفا أن الأسرة هي النواة الأولى التي يجب أن تكون مستعدة لتوجيه الشباب وتحذرهم من مخاطر المخدرات.
ولفت إلى ضرورة العمل بشكل أكبر من جمعيات النفع العام وتكاتف أجهزة الدولة في سبيل الحد من آفة المخدرات «فالشباب ذخر المستقبل وبهم يرتقي المجتمع».
من جانبه، قال أستاذ القانون في جامعة الكويت د.سامي الدريعي لـ «كونا» إن القوة الشرائية كبيرة بيد الشباب وهذا من شأنه أن يجعل البعض يبحث عن «السعادة الزائفة» عبر تعاطي المخدرات.
وأكد الدريعي أهمية المزيد من التثقيف لرجال الأمن بالإجراءات القانونية اللازمة للكشف عن المخدرات وضبطها وتحريزها، فكثير من المهربين يعتمدون على القصور الذي قد يحدث في إجراءات الضبط والتحري واستغلال الثغرات القانونية فيها.
ورأى أن ذلك يتطلب من وزارة الداخلية «إعادة النظر في التكوين العلمي لرجال الشرطة المعنيين بالبحث عن الجرائم المتعلقة بالمخدرات وكشفها».
ونبه إلى أن انتشار المخدرات بين أوساط الشباب يعتبر تهديدا حقيقيا لحاضر ومستقبل الوطن، لافتا إلى أن «دول الخليج عموما والكويت خصوصا مستهدفة بنشر تلك الآفات والدليل على ذلك ضبط الكميات الكبيرة من المخدرات».
بدوره، أكد المحامي د.حسين العبدالله أهمية المعالجة الأمنية والقانونية والتربوية لقضايا التعاطي في الكويت فـ «المطلوب منظومة صحية لا عقابية»، داعيا إلى ضرورة فهم حقيقتين هما معالجة موضوع تعامل المشرع مع المتعاطي كمجرم وليس كمريض ووجوب التعامل مع المصدر والمتلقي للمخدرات كل على حدة، مبينا أن «المشرع لم ينجح في تجريم التعاطي لتركيزه على البعدين الأمني والقانوني لا المرضي».
وذكر العبدالله أن هناك متطلبات قانونية تستدعي تدخل المشرع أهمها «إلغاء تجريم التعاطي» وتوحيد العقوبات على تجار المخدرات والمؤثرات فهناك أوجه خلل أمنية وقانونية واجتماعية لهذه القضية وصولا إلى المعالجات فالتصدي للمعالجة يكون في اتجاهين وفق أطر قانونية وأمنية واجتماعية.
ولفت إلى أن «الخلل الأكبر في تعامل المشرع مع قضايا التعاطي أن يتم وفق منهج أمني وقانوني وليس وفق منهج مرضي ونفسي»، داعيا إلى «وجوب إعادة النظر في موقف المشرع الكويتي بالتعامل مع المتعاطي كمريض نفسي دفعته الظروف الاجتماعية أو الأسرية إلى تعاطي المواد المخدرة بالتالي حال ضبطه يتم إيداعه إلزاميا بمصحات علاجية مؤهلة لذلك وليس التعامل معه كمجرم يدان ويحبس لسنوات فيخرج ليرتكب جرائم أخرى ليعاد مجددا».
وأشار إلى وجوب إنشاء منظومة قانونية علاجية وتأهيلية للمتعاطين تحت إشراف الأجهزة الصحية المتخصصة بالارتباط مع الأجهزة القانونية للتأكد من ضبط إجراءات العلاج والتأهيل وتشديد المواد القانونية على المهربين المواد الممنوعة في تلك المصحات أو في حال عدم الإبلاغ عن المتعاطين ممن يحتاجون الى العلاج.
وشدد العبدالله على ضرورة توحيد العقوبات على مرتكبي جرائم الإتجار بالمواد المخدرة مع مرتكبي الإتجار بالمؤثرات العقلية وضرورة اعتبار كل مادة مخدرة أو مؤثرة عقلية تستخدم للتعاطي بأنها مادة محظورة ويتعين اخضاع المتعاطي لها للعلاج والتأهيل اللاحق لها دون الانتظار إلى تسمية تلك المادة المخدرة أو المؤثر العقلي.
من جهته، قال المحامي علي العتيبي إن المخدرات لم تعد تشكل خطرا شخصيا يحيط بشخص المتعاطي إنما امتد ليتهدد الأمن المجتمعي، لافتا إلى ما تشهده البلاد في الآونة الأخيرة من انتشار لظاهرة العنف وارتكاب جرائم لأسباب تافهة وغير معهودة فـ«الإحصائيات تشير إلى أن أغلبية مرتكبي جرائم العنف هم أشخاص يتعاطون المخدرات مما يعتبر تهديدا صريحا لأمن المجتمع بشكل عام».
وأضاف العتيبي أن انتشار المخدرات في البلاد خاصة بين فئة الشباب يؤثر على تنمية الدولة بشكل عام باعتبار الشباب أيقونة تطور الدول متى ما تم استثمارهم علميا ومهنيا إلا أن تجار المخدرات مع الأسف يستهدفون في المقام الأول الشباب من المجتمع وبسبب ذلك تكون انعكاسات هذه الآفة «خطيرة جدا» على التنمية وتشكل «خطرا» اجتماعيا واقتصاديا على الدولة بوجه عام.
وعن الحلول، أفاد العتيبي بأنها يجب أن تكون على محورين الأول العمل محاربة المخدرات داخل البلاد ولا بإحكام القبضة الأمنية على الحدود البحرية والجوية والبرية وتطوير منظومة الرقابة الأمنية وتزويدها بأحدث الأجهزة المتطورة للكشف عن المخدرات والارتقاء بكفاءة العاملين لمحاربة جريمة تهريب وجلب المخدرات إلى البلاد.
وتابع أن المحور الثاني هو نشر الوعي المجتمعي ومراجعة القوانين المرتبطة بهذه الآفة لتحقيق ردع عام لمرتكبي جرائم المخدرات فلا يكون ذلك إلا بتضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات العامة في الدولة والعمل على مراجعة القوانين المرتبطة بهذه الآفة وإعادة صياغتها بتصورات تراعي علاج مدمني هذه الآفة وتحقق الردع العام لتجارها ومهربي وجالبي المخدرات.