علاقات و مجتمع
قبل أكثر من 11 سنة، كان موعد لقاء محمد العراقي ورشا مكي، وكان لكل منهما قصة مختلفة، فـ«محمد» رغم زواجه السابق وإنجابه ابنتين لا يزال متعلقاً بالأبوة، و«رشا» التي بلغت 45 عاماً لا تزال تتمنى الأمومة بعدما قدّر الله لها عدم الإنجاب، لتتلاقى بينهما الفكرة، ويبدأ الثنائي فصلاً جديداً من حياتهما بحثاً عن طفل بالكفالة إلى أن وجدا ضالتهما في طفلهما الجديد «مصطفى» بعدما أتما إجراءات الكفالة.
بدأت القصة تحديداً من جانب «رشا»، التي لازمها حلم الأمومة منذ صغرها قبل أن يعاندها القدر: «من وأنا صغيرة كنت بحلم يكون عندي أطفال كتير، لكن ماكنش فيه نصيب لأني اكتشفت إن عندي انتباذ بطانة الرحم، وده مرض مزمن بيخلي نسب حدوث الحمل ضعيفة جداً».
لم تهدأ السيدة أمام مرضها، بل حاولت مراراً وتكراراً: «اتجوزت وسافرت أمريكا وغيّرت شغلي من السياحة، ووجهت اهتمامي ودراستي للأطفال وبعدين فتحت حضانة، ما فقدتش الأمل في إني أكون أم ودخلت في دوامة التلقيح الصناعي، 11 سنة جربت فيها 4 مرات، الفترة دي استهلكتني مادياً ونفسياً وانتهت بطلاقي في 2004، علشان أبدأ بعدها فصل جديد في حياتي».
طلاق السيدة لم يكن نهاية الطريق، بل بدايته مع محمد العراقي الذي شجّعها على التكفل والاحتضان بعد زواجهما منذ 11 عاماً: «في 2012 حياتي اتغيرت 180 درجة بعد ما قابلت محمد واتجوزنا، ورغم إنه عنده بنتين من جوازة سابقة ماعترضش خالص على فكرة الكفالة لأنه كان عارف إن حياتي كلها للأطفال، وإني عمري ما نسيت حلمي إني أكون أم، ومعاه بدأت أدوّر وأسأل علشان نعرف كل حاجة عن الكفالة في مصر».
سنة كاملة قرر فيها «محمد» المقيم أيضاً بالولايات المتحدة، البحث عن طفل بالكفالة إرضاء لغريزته ولحبه الشديد لزوجته وتقديراً لمشاعرها رغم كونه أباً بالفعل، بحسب قوله: «سنة كاملة لحد ما خلصنا الأوراق والإجراءات، وأخيراً بقى متاح نكفل طفل بعد تسلم جواب المشاهدة».
اللقاء الأول بين الطفل والأسرة المحتضنة
مزيج من الخوف والقلق عند اللقاء الأول: «كنت خايفة ومرعوبة وبسأل نفسي كتير، يا ترى أنا قد ده؟ هل هعرف أربي طفل وألعب معاه وأنا عندي 45 سنة؟ أكمّل لوحدي ولا أسعى ورا حلم الأمومة؟ لكن تشجيع محمد ورغبتي إني أكون أم انتصروا، وبدأنا نلف دور الرعاية علشان نختار ابننا».
على الرغم من رغبة «رشا» في احتضان طفلة بنت، لكن ظل فؤادها يذهب إلى الطفل مصطفى: «في الأول كنت بحلم يكون عندنا بنت جميلة سمرا تكون شبهنا أنا ومحمد، دوّرت لكن مالقتش وكنت فقدت الأمل، بس المفاجأة إني لما بصيت على السرير التاني كان الولد اللي فيه مفتح عينه أوي وبيبص لي جامد، قلبي اتخطف، وعرفت إن هو ده ابني، ماتحركتش من جبنه وفضلت شايلاه خمس ساعات بأكّله وأشرّبه وأغيّر له، خفت حد تاني ياخده، ولما بلّغت جوزي وأهلي وأصحابي إني اخترت ولد محدش صدقني، كلهم كانوا عارفين إني نفسى في بنت بس ده اللي حصل، مصطفى كان نصيبي».
رشا تعيش الأمومة.. ومحمد يشعر كأنه أب من جديد
تجربة أمومة كاملة عاشتها «رشا» قبل أن تتزايد مشاعر الأبوة لدى «محمد» تجاه طفلهما «مصطفى»: «كنت عايزه أعيش تجربة الأمومة كاملة، رحت لدكتور نسا وبدأت كورس إرضاع صناعي، لحد لما أخدنا مصطفى البيت، حياتي اكتملت، أخيراً بقى عندي أكتر حاجة اتمنيتها، لما مصطفى دخل حياتى اكتملت بوجوده».
وعلى الرغم من إنجاب «محمد» ابنتين من زيجة سابقة إلا أن «مصطفى» وطد العلاقة بينهم: «علاقة بناتي بابني مصطفى جميلة، بيحبوا بعض جداً ومصطفى دايما بيسأل على اخواته وبيكلمهم تقريباً كل أسبوع وهما كمان بيحبوه جداً». وتابع: «مصطفى بقى شبهي، حتة مني، ابني فعلاً اللي ماخلفتوش، كل حاجة بنعملها سوا».
حافظنا على حقوق الطفل
وحول حقوق الطفل، حرص الأب على ضمانها كاملة: «إحنا بعد 4 شهور سافرنا أمريكا تاني ومعانا أحدث فرد في عيلتنا الصغيرة، طبعاً قصة الأوراق طويلة جداً، وعملنا صفحة في البداية، والموضوع تطور وكبر وبقى عندنا موقع بالعربي والإنجليزي عليه كل المعلومات عن الكفالة، مش بس كده، إحنا بقينا منظمة غير هادفة للربح اسمها يلا كفالة في كاليفورنيا وفي مصر، وبقى عندنا فريق كبير من المتطوعين اللي بيساعدوا بكل اللي يقدروا عليه علشان نوصّل الفكرة ونساعد أطفال أكتر وأسر إنها تعيش حلم الأمومة والأبوة».