علاقات و مجتمع
استطاعت أن تصنع لنفسها عالمًا آخر يخلو مؤقتا من آلام المرض ومرارة طعم الدواء، لم تستسلم كغيرها للمرض الخبيث الذي داهم جسدها فجأة، قررت أن تشغل نفسها بما تحب فأبدعت في صنع حلوى فريدة لم ينافسها فيها أحد ببلدها وأصبح مشروعها كطفلها الصغير ينمو أمام عينيها.
مشروع لمواجهة التفكير في المرض
قبل نحو عشر سنوات تقريبا، اكتشفت «فداء حامد» إصابتها بسرطان الثدي خضعت على إثره لثلاث عمليات جراحية في وقت قصير، وبدأت مرحلة جديدة من حياتها تقضي أيامها بين جلسات العلاج الإشعاعي والكيماوي، لم يكن أمامها إلا خيارين اثنين، إما الاستسلام أو التمسك بالحياة فاختارت الثاني، وفق حديث السيدة الفلسطينية لـ«الوطن»: «كان لازم أفكر في حاجة تشغل وقتي وتبعدني عن التفكير في المرض».
استيقظت «فداء» صباح أحد الأيام واتجهت نحو المطبخ تحاول أن تبدع في إعداد صنف جديد من الحلوى الصحية ليصبح نواة مشروع لم تخطط لملامحه من قبل، جربت خلط التمر بالمكسرات والشوكولاتة الخام فنتج عنها قطع شوكولاتة مختلفة عن المتوافرة في محلات الحلوى: «كان هدفي أعمل حلويات صحية بدون أي مواد حافظة أو زيوت مهدرجة أو ألبان».
شوكولاتة صحية دون زيوت أو سكر
قطع الشوكولاتة التي أعدتها الأم الفلسطينية كانت من نصيب بناتها الثلاثة وجيرانها وأصدقائها، كتجربة أولية لاختبار المذاق والقوام، حتى لاقت قبولا واسعا لديهم، وفقا لها: «طعم الشوكولاتة عجب بناتي وجيراني ومن هنا فكرت أبدأ مشروع بيتي بسيط خاص بيا يشغلني في فترة علاجي».
كيلو واحد من التمر الذي جاءت به من بساتين أريحا الفلسطينية، وكيلو واحد أيضا من اللوز والبندق والشوكولاتة البلجيكية الخام، رأس المال الوحيد الذي بدأت به السيدة الفلسطينية مشروعها وأطلقت عليه اسم «ذوق»، أعدت صواني من الشوكولاتة الصحية الخالية من السكر والجلوتين وبدأت بتوزيعها وبيعها في نطاق محدود استغلت في ترويج فكرتها مواقع التواصل الاجتماعي، حسب روايتها.
رأس مال كيلو بلح ومكسرات
«مش شرط يكون عندك راس مال كبير أو محل لتبدأين مشروع خاص بيكي» تقول الأم الفلسطينية عن مشروعها الذي وصفته بـ«طفلها الصغير» يكبر يوما بعد يوم، حيث بدأته بأقل الإمكانيات وتوسعت به عبر السنوات حتى بات مطلوبا في كافة أنحاء فلسطين: «الشركات أصبحت تطلب مني علب شوكولاتة توزعها على الموظفين بالأعياد والمناسبات» أيضا أصبحت شوكولاتة «ذوق» هدايا مفضلة لهواة الأكل الصحي، بحسب روايتها.
بعد أن توسعت «فداء» في مشروعها جعلت منه مصدرًا داعما للفتيات والسيدات المتعسرات والمرضى، يساعدنها في إعداد الشوكولاتة مقابل مبلغ من المال ينفقن منه على أنفسهن: «لسه بشتغل من البيت ومحتاجة ماكينات ويبقى عندي مكان كبير مخصص للشغل» تحلم بالتوسع في مشروعها وتصل به إلى خارج حدود الوطن.