«هذا رفيق المسجد بابا رمضان، والله ما وجدت أوفى من هذا الرجل».. مقطع فيديو قصير لم تتعدّ مدته ثوانِ معدودة، وثق خلاله أحمد علي الآنسي، يمني الجنسية ويُقيم في مصر، شهامة جاره ورفيقه المصري رمضان عبدالعظيم، حين أهداه ذهب زوجته لعلاج ابنته «لين»، التي تفاجأ بخبر وفاتها في الفيديو، فلم يستطع «رمضان» أن يتمالك أعصابه ودخل في نوبة من البكاء.
«بابا رمضان» يبلغ من العمر 58 عامًا
رمضان عبدالعظيم صاحب الـ58 عامًا، يروي لـ«الوطن»، كواليس المشهد الذي أبكى الملايين، ففي صباح يوم الجمعة قبل الماضية، ذهب «رمضان» إلى المسجد كعادته قبل صلاة الفجر بنصف ساعة، مُصطحبًا ذهب زوجته «3 غوايش» إلى الحاج «أحمد» بهدف التكفل بعلاج ابنته التي تعرضت للاختناق بالغاز في أثناء الاستحمام.
لم يكتفِ «رمضان» بأخذ الذهب فقط، بل أرفق معه الفاتورة، حتى يتمكن «الآنسي» من بيعه ليعالج ابنته، ودخل الأخير إلى المسجد ليجد صديقه بالداخل يُجري اتصالًا هاتفيًا بأحد أقاربه: «دخلت لقيته واقف بضهره بيتكلم في التليفون، روحت ادتله الدهب قولتله بيعه ومعاك الفاتورة أهي، فـ مسك الدهب وقال لي طب خليك كده، وفوجئت أنه بيصور فيديو في اللحظة دي، وقال شوفوا مصري بابا رمضان بيديني دهب بنته وربنا يجازيه خير، واتصدمت لما عرفت بخبر وفاة بنته في اللحظة دي».
لم يكن الرجل الخمسيني على علم بخبر وفاة «لين»، سوى في اللحظات التي وثق خلالها جاره اليمني مقطع الفيديو في أثناء صلاة الفجر، إذ انتقلت الطفلة إلى جوار ربها الساعة الثانية عشر منتصف الليل، وتلقى والدها خبر وفاتها الساعة الثالثة فجرًا، يقول «رمضان»: «أنا لو كنت أعرف أنّه مشغل الفيديو مكنتش دخلت عليه في اللحظة دي، لأنّه قبل ما أدخل كان بيبلغ أقاربه وأعمامه بخبر وفاة بنته».
علاقة جيرة وصداقة دامت 9 أشهر
جيرة في المسكن وصداقة داخل المسجد لم يمر عليها سوى 9 أشهر فقط، إلا أنّ الرجل الخمسيني اعتبره «عشرة السنين» ولم يتردد في إقناع زوجته في التبرع له بالذهب، على الرغم من رفضه قبول المال الذي عرضه عليه في وقت سابق: «أنا عرضت عليه قبل كده 2000 جنيه رفضهم، فقولت أعرض عليه الدهب، ولما قولت لزوجتي إنّ الحاج أحمد راجل طيب وفيه كل الصفات الحلوة، وهي بتحب الخير قالتلي الناس لبعضيها وهي اللي شجعتني وقلعت الدهب بكل سهولة وقالت لي اديهمله».
«الحاج أحمد يستاهل الدنيا كلها، ولو أطول أبيع نفسي عشانه هبيع له، ومفيش حاجة تغلى عليه»، هكذا وصف رمضان عبدالعظيم علاقته بجاره اليمني، الذي لم يرى ابنته «لين» التي تبرع بالذهب لعلاجها سوى في صلاة الجنازة: «أول مرة كنت أشوف لين بنته في صلاة الجنازة، أبوها وأمها باسوها قبل الدفن لأنّ والدتها مكانتش بتعرف تروحلها المستشفى عشان كانت لسه والدة».
رمضان عبدالعظيم، يعمل في أحد المصانع، ويمتلك من الأبناء ريهام ومحمد، لم يتمكّن من متابعة ردود الفعل على مقطع الفيديو المتداول إلا من خلال أبنائه: «كنت بسمع الناس بيشكروني وفي ناس كانت بتقول ده مسلسل معمول، بس أقسم بالله إني دخلت على الحاج أحمد فعلًا بالصدفة».
اللحظات التي أعقبت الفيديو المتداول، تمثلت في أداء صلاة الفجر والدعاء لابنته «لين» بالرحمة والمغفرة، ثم عرض «رمضان» على جاره اليمني بدفنها بمقابر عائلته، إلا أنّ الحاج «أحمد» قال إنّه سيدفن ابنته في مقابر الصدقة التي أقامها أحد فاعلي الخير للمواطنين اليمنيين المُقيمين في مصر.