مشهد إنساني لم يتجاوز بضع ثواني، حمل في ثناياه مشاعر الحب والوفاء، التي زخرت بها قلوب طلاب المدينة الجامعية بالإسكندرية، نحو عامل الدور لرد الجميل له، فاصطفوا على الجانبين، لترك مساحة في المنتصف لممر شرفي له، تعلو فيه أصوات التصفيق وعبارات الثناء لـ«عم مختار»، إذ قرروا تكريمه على أخلاقه وحسن معاملته التي لا تقدر بثمن.
ممر شرفي من طلاب المدينة الجامعية بالإسكندرية لعامل الدور
«كلنا بنحبه»، كلمة لخص بها كامل محمد، طالب بالفرقة الثالثة كلية طب بشري بالإسكندرية، مشاعر الحب التي حملها لـ«عم مختار» عامل الدور، الذي حاول جاهدًا على إدخال البهجة لقلبه ورسم البسمة على وجهه، بالتعاون مع زملائه بالمدينة الجامعية، لرد الجميل له لحسن معاملته وأخلاقه: «إحنا ساكنين في المدينة الجامعية بحي سموحة في الإسكندرية، في مبنى أ، الدور التالت، عددنا 100 طالب، وعم مختار عامل الدور راجل محترم ومخلص وكلنا بنحبه، فقررنا نفرحه قبل نهاية السنة» بحسب حديثه لـ«الوطن».
جبر الخواطر، شعار اتخذه طلاب المدينة الجامعية، لإدخال البهجة على صاحب الـ42 عامًا، الذي قضى حياته للعمل داخل المدينة الجامعية، فلم يتعامل كونه موظفا بل كان أبًا لهم، حريصًا على معاملتهم بمشاعر الأبوة، فمن كان منهم سوى رد الجميل له، بتكريمه بدرع ومصحف: «بعد صلاة الظهر طلعنا ترابيزة شكلها جميل، وعليها الدرع والمصحف، وبدأنا أننا نقول لزملائنا على المفاجأة، بس وكلمنا عم مختار أنه ميمشيش بعد الصلاة عشان عاوزين نتصور معاه، من غير ما نقوله على حاجه، كان هو في أوضته، وبعد ما كله وقف رحت سلمت عليه ودخلت بيه الممر الشرفي».
فرحة ومشاعر
لم يتمالك الرجل الأربعيني دموعه، ارتسمت علامات الفرحة على وجهه، في حالة من الذهول غير مصدق ما يحدث حوله: «الفرحة كانت غمراه حرفيًا، حتى لحد دلوقتي لسة فرحان كل م يشوفني يحكيلي عن اليوم وجماله وفرحته بيه».
لم يخلو اليوم من بعد الترتيبات لإظهاره بشكل مثالي، إذ حرص «كامل» على وضع لمسات خاصة، عبر تنظيم الممر وترك مسافات بين الطلاب وبعضهم: «علشان مايبقاش الطلبة كلهم متجمعين في مكان واحد، لو حسيت أن صوت التصفيق هدي، كنت اشاور لهم بإيدي علشان يعلوه، وكنت بوجهم أن دا وقت إننا نسلم كلنا عليه بنظام، تفاصيل كده صغيرة لكن فرقت انها تطلع الموقف بشكل كويس في النهاية».