الآثار المصرية المُكتشفة
تعرض طالب مدرسي عام 1952، لعقوبة من أحد مدرسيه، أجبرته على مساعدة البستاني في حفر تربة أرض مدرسته، وخلال عملية الحفر عثر على جسم منتفخ، ظن في البداية أنّها ثمرة بطاطس، ليكتشف لاحقًا أنّه عثر على تحفة مصرية صنعت منذ حوالي 4000 عام.
اكتشاف 18 قطعة أثرية في الريف الاسكتلندي
وبحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية، فإنّ العثور على كنوز قديمة مصرية مدفونة في الريف الاسكتلندي، وليس تحت رمال القاهرة كان أمرًا مثيرًا للدهشة، ولكن ما يزيد الأمر غرابة هو أنّ القطعة التي جرى العثور عليها كانت واحدة من بين 18 قطعة أثرية مصرية، تم اكتشافها في ثلاثة مناسبات منفصلة من قِبل تلاميذ المدارس على مدار حوالي 30 عامًا في أكثر الأماكن غير المتوقعة، مثل منزل ملفيل، وهو مبنى تاريخي بالقرب من أبرشية مونيميل الصغيرة في فايف.
الآثار المصرية المكتشفة موجودة الآن في متاحف اسكتلندا الوطنية (NMS)، وتحكي قصص رائعة وراء هذه الاكتشافات، إذ احتلت قصة اكتشاف الصبي التي حدثت في عام 1952 الأخبار حينها، بعدما أدرك عالم المصريات سيريل ألدريد، أهميته كرأس تمثال مهم من الحجر الرملي الأحمر في منتصف الأسرة الثانية عشرة (حوالي 1922-1855 قبل الميلاد)، والذي تشير جودته إلى وجود الورشة الملكية.
وبعد 14 عامًا، في عام 1966، عثر على تمثال صغير من البرونز المصري لثور أبيس في أرض المدرسة نفسها من قبل التلاميذ الذين كانوا يؤدون حصة التربية البدنية في الهواء الطلق، أثناء تمرين القفز، سقط أحد الصبية على ارتفاع بارز من الأرض، وتبين أن تاريخه يعود إلى العصر المتأخر أو العصر البطلمي (حوالي 664-332 قبل الميلاد).
وحينها قام المعلم المشرف «السيد ماكني» بتسليم القطعة إلى المتحف للتعرف عليها، ومن أغرب المصادفات أنه كان هو نفس الصبي الذي عثر على الرأس في عام 1952، وعرض «ألدريد» أن يقوم موظفو المتحف بتنظيفه، لكن «ماكني» أخذ الثور معه، واختفى دون أن يترك أثرًا.
وفي عام 1984، كانت الدكتورة إليزابيث جورنج هي أمينة المتحف لعلم آثار البحر الأبيض المتوسط، عندما قامت مجموعة من المراهقين بزيارة المتحف حاملين معهم قطعة للتعرف عليها، وشعروا أنه قد يكون قديما، وتبين أنه تمثال برونزي مصري قديم لرجل، وتذكرت «جورنج» وقتها «ألدريد» وهو يخبرها عن الاكتشافات المصرية السابقة في أراضي ملفيل، وأدركت أن التمثال الموجود هناك لا بد أن يكون متصلاً.
وبسبب فضولها، قررت البحث بشكل أعمق قليلاً، ورتبت لزيارة المدرسة التي تم إغلاقها لتحديد مكان دفن التمثال. ومع ذلك، بحلول الوقت الذي تم فيه إحضارها إلى المتحف بعد حوالي ثلاث سنوات، كان مكتشفها قد انتهى به الأمر في سجن ساوتون في إدنبرة، ولكن تم ترتيب لقاء معه في منزل ملفيل تحت إشراف ضابط المراقبة، وأطلعها على مكان العثور الصعب.
واتفق الخبراء في المتحف البريطاني على أن التمثال يمثل كاهنًا يقدم القرابين، ومن المحتمل أنه تم إنشاؤه خلال الأسرة الخامسة والعشرين (حوالي 747-656 قبل الميلاد)، واستكشفت «جورنج» الموقع بشكل أكبر، لتعثر على أشياء أخرى، بدءًا من الجزء العلوي من تمثال خزفي جميل للإلهة إيزيس وهي ترضع ابنها حورس، إلى جزء من لوحة خزفية تحمل عين حورس.
القطع الأثرية المُكتشفة تعكس الثقافة المصرية
من المقرر أن يتم سرد قصة الاكتشافات لأول مرة من قبل «جورنج» وخليفتها الدكتورة مارجريت ميتلاند، في وقائع جمعية الآثار الاسكتلندية المقبلة، والتي ستنشر في 30 نوفمبر الجاري، إذ تشير أحد التفسيرات المحتملة إلى أنّ الإسكندر، اللورد بالجوني، وريث الملكية، قد حصل عليهما، أثناء زيارته لمصر عام 1856 مع شقيقتيه، لتحسين حالته الصحية السيئة بعد مرضه أثناء الخدمة في حرب القرم، لكنه عاد إلى بريطانيا أضعف، وتوفي عام 1857، عن عمر يناهز 24 عامًا، بسبب مرض السل.
ومن المحتمل أن الحزن وارتباط الآثار بوفاته المبكرة، دفع أحدهم إلى التخلص منها، ومن الممكن أيضًا أن تكون قصص «لعنة المومياء»، التي يرجع تاريخها إلى ستينيات القرن التاسع عشر، قد ربطت هذه الآثار بسوء الحظ، مما دفع أحدهم إلى دفنها.
وقال ميتلاند، المنسق الرئيسي لمتحف NMS للبحر الأبيض المتوسط القديم: «لا يمكننا التأكد مما إذا كانت الخرافات لعبت أي دور في التخلي عنها، لكن الأمر ليس مستحيلا»، ويتم عرض رأس الحجر الرملي، الذي يبلغ ارتفاعه 110 مليمترات في NMS، إذ يقول ميتلاند: «إنها تحفة فنية غير عادية، ومهمة للغاية من حيث الثقافة المصرية».
وأضاف «جورنج»: «يمكن لكل أمين متحف أن يروي لك بعض القصص غير العادية، ولكن هذه واحدة من أكثر القصص غير العادية التي حدثت لي خلال 26 عامًا في المتحف».