علاقات و مجتمع
الكلمات هي أقوى أدوات البشر، فالكلمة من شأنها أن تحيي الآخرين، ومن شأنها أن تميتهم، فتخيل أن هذا الأمر موجه إلى قطعة من روحك، أنت المُتحكم الأول في تأسيسه من أجل مواجهة الحياة في المستقبل.
دراسة صادمة بشأن الصراخ في الأطفال
تحت عنوان «فكر قبل أن تصرخ في طلفك»، كشفت صحيفة «جارديان» البريطانية، عن دراسة صادمة، تؤكد أن الإساءة اللفظية تجاه أطفالك يمكن أن تكون ضارة مثل الاعتداء الجسدي.
وكشفت الدراسة عن كيفية تأثير الإساءة اللفظية للأطفال، في زرع بذور المشاكل طويلة الأمد مثل إيذاء النفس والقلق، موضحة: «اللغة القاسية المستخدمة ضد الأطفال يمكن أن تلحق الضرر بهم لبقية حياتهم».
وأكدت الدراسة أن الأمهات ترد على الطفل المشاغب بالصراخ، والأطفال يتسامحون مع ضغوط الوالدين ويتعاطفون معها بشكل مدهش، مضيفة: «رغم أن التهديد اللفظي أو الصراخ لا يترك أي ندبات، أو أن التعرض للإهانة والسخرية لا يجعل الأطفال يتأثرون، كشف الباحثون أن تأثير الإساءة اللفظية في مرحلة الطفولة من قبل البالغين تسبب نفس الأثر النفسي للاعتداء البدني».
وأجريت دراسة في بريطانيا على 1000 طفل تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عامًا، وجد أن 41% منهم أكدوا تعرضهم لكلمات مؤذية وإهانة وانتقاد مستمر من جانب البالغين، سواء الآباء أو مقدمي الرعاية أو معلميهم، حيث ثبت أن نصف الذين أجريت عليهم الدراسة تعرضوا لمثل هذا السلوك بشكل أسبوعي، بينما يتعرض 1 من كل 10 لهذا الأمر بشكل يومي.
كيف تؤدي الكلمات المؤذية للأطفال إلى مستقبل مظلم؟
وأوضحت الدراسة أن «المخاطر التي تصاحب الاعتداء اللفظي أو الصراخ في الطفل تتمثل في تدني احترام الذات لديهم، فضلا عن زيادة احتمالية تعاطيهم الكحول والمخدرات، وزيادة خطر الاكتئاب، والاضطرابات الذهنية».
وأكملت الدراسة: «التعرض للإساءة اللفظية يؤثر بشدة على الأطفال، ويرتبط بالضيق النفسي المستمر، والصعوبات العاطفية والعلاقات المعقدة، فضلا عن الاضطرابات الجسدية والعقلية، إضافةً إلى زيادة احتمال إعادة خلق مواقف مسيئة في حياتهم مثل البحث عن شريك يسيء إليهم».
«العنف اللفظي بين الوالدين، يمكن أن يحمل نفس المخاطر على الصحة العقلية والجسدية للأطفال مثل الإساءة إليهم بشكل مباشر»، أمر آخر كشفت عنه الدراسة الحديثة وفقا للتقرير البريطاني.
وكشفت الدراسة أن الأطفال لا يفهمون السخرية إلا في العقد الثاني من حياتهم تقريبًا، وقد لا يقصد البالغون ما يقولونه حرفيًا، فهم لا يفهون كلمات مثل: «أنت غبي أو أنت فتاة شريرة»، حيث يحتاج النمو العقلي للطفل لمزيد من الوقت حتى يفهم تمامًا نية الشخص البالغ بأن المقصود من هذه الإهانات اللفظية وما شابهها ليس الإذلال، بل المقصود منها أن تكون أدوات تعليمية لتصحيح سلوكه وتشكيله.
الإساءة اللفظية للأطفال لا تقتصر على نطاق الأسرة، وهي تحدث عادة في السياقات التعليمية والرياضية والترفيهية.
وأتم التقرير: «دعم الوالدين لتقديم تربية إيجابية ومتسقة وقائمة على القواعد، حتى مع الأطفال المشاغبين، يعمل على منع السلوك المعادي للمجتمع، في التربية العادية، فإن إيجاد طرق لمدح أطفالنا عندما يفعلون شيئًا نحبه، بدلاً من محاسبتهم على الأخطاء التي يرتكبونها، هو ما يساعد في تشكيل سلوكهم وشخصيتهم، الاهتمام والدفء واللطف يؤتي ثماره، والكلمات القاسية بشكل مفرط تؤدي إلى ضياع الارتباط والثقة».