أكد مسؤولون وخبراء في مكافحة الجرائم الإلكترونية – على هامش التحضير للقمة الشرطية العالمية في دبي خلال مارس المقبل – أهمية التعاون الدولي في مواجهة مخاطر الجرائم السيبرانية، محذّرين من مخاطر عدة، منها فيروسات الفدية التي يستخدمها «هاكرز» محترفون في اختراق أنظمة مؤسسات وشركات كبرى في مختلف دول العالم، ويهدّدون بتدميرها إذا لم تدفع مبالغ ضخمة. وقال مدير المباحث الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد سعيد الهاجري: «إن إحدى الشركات تعرّضت لاختراق مماثل، وسيطر المجرمون على أنظمة التحكّم في خوادمها، وهددوا بتدمير كل البيانات إذا لم تدفع فدية 10 ملايين دولار. وأظهرت التحقيقات وعمليات التدقيق من قبل خبراء إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في شرطة دبي، أن الشركة لم تستخدم برامج حماية مضادة للفيروسات، وليست لديها نسخ احتياطية من بياناتها وملفاتها، وهذه تعد من أهم قواعد الوقاية والحماية».
وتفصيلاً، قال المدير التنفيذي لقطاع أنظمة وخدمات الأمن السيبراني في مركز دبي للأمن الإلكتروني، عامر شرف، إن مستقبل الأمن السيبراني يواجه تحديات كبيرة نتيجة للتقدّم التكنولوجي واعتماد العديد من القطاعات الاقتصادية والأمنية على التكنولوجيا الرقمية، موضحاً أنه من بين التحديات المستقبلية التي يمكن أن تؤثر في القطاعين الاقتصادي والأمني في الدول عامة، الهجمات الإلكترونية المتقدمة، مثل عمليات الاختراق التي تستهدف المؤسسات الحكومية والشركات الكبيرة، بهدف التوصل إلى معلومات وبيانات حساسة، أو تعطيل البنية التحتية الحيوية للمؤسسة، ما لم يتم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة والمتقدمة التي تتمتع دبي بالميزات العالية منها، وتوفّر للإمارة جدار حماية عالي المستوى، تسهر على متابعته وتحديثه كفاءات وطنية متمرسة.
وأضاف أن الأشكال الجديدة من الجرائم السيبرانية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أو على الهندسة الاجتماعية التي تحلل سلوك مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت، بهدف التأثير في القرارات الاقتصادية والسياسية، أو استهداف البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء والمياه والنقل، التي يمكن أن تؤثر في الاستقرار الاقتصادي والأمن القومي، فضلاً عن تلك التي تستهدف القطاع المالي وسرقة البيانات الشخصية، أو انتهاك خصوصية الأفراد.
وأكد شرف أن التعاون الدولي، وتبادل الخبرات والمعرفة، يلعبان دوراً جوهرياً في مكافحة هذه الجرائم، ويُسهمان في تطوير السياسات والتشريعات السيبرانية لعمليات المكافحة، إلى جانب تمكين الدول من مشاركة المعلومات حول الهجمات والتهديدات السيبرانية بشكل فعّال، وتعزيز الاستجابة السريعة والتبادل المفيد للبيانات بين الجهات المعنية.
من جهته، قال مدير إدارة المباحث الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد سعيد الهاجري، إن العصر الحالي فرض واقعاً من الاعتماد المتزايد على أدوات الفضاء السيبراني، الأمر الذي يُعرّض الأفراد والمؤسسات والشركات الحكومية والخاصة لمخاطر الجرائم الإلكترونية.
وأضاف أن شرطة دبي تولي أهمية كبرى لتعزيز ودعم قطاع الاقتصاد الرقمي، من خلال تعزيز الأمن السيبراني، وإنفاذ القانون في مكافحة الجرائم الإلكترونية، بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، من خلال توفير وسائل تواصل وتلقي بلاغات سريعة، أبرزها منصة «إي كرايم» E.CRIME لاستقبال البلاغات والملاحظات والشكاوى بأنواعها المختلفة، في إطار تام من الحفاظ على سرية وخصوصية المبلّغ، ما أسهم إلى حد كبير في سهولة تدفق المعلومات وسرعة التدخل في التعامل مع مختلف أشكال الجريمة الإلكترونية، مثل الابتزاز الإلكتروني والتصيّد، وجرائم التحويلات المالية الإلكترونية، والاختراق وسرقة بيانات البطاقات الائتمانية.
وشدّد الهاجري على أهمية التعاون الدولي في مكافحة هذا النوع من الجرائم الإلكترونية والمنظّمة، كونها عابرة للحدود، ويعتمد منفّذوها على وسائل تقنية متطورة في ارتكابها، لافتاً إلى أن شرطة دبي تعاونت مع أكثر من 15 جهة شرطية دولية، في نحو 224 واقعة دولية، وطلبت مساعدة في مكافحة جرائم إلكترونية منذ بداية العام الجاري.
وأكد أن الوعي بإجراءات الحماية والتدابير الوقائية، أمر في غاية الأهمية، ليس على المستوى الفردي، وإنما على مستوى المؤسسات والشركات أيضاً، لذا فمن الضروري الاطلاع بشكل مستمر على أحدث التقنيات وبرامج الحماية من أساليب الاختراق، والإلمام بأنظمة حماية خصوصية البيانات والمعلومات، وتدريب الموظفين على كيفية الحفاظ على البيانات السرية المتعلقة بالمنشأة، وعدم الإفصاح عنها بأي شكل من الأشكال لطرف خارجي.
وحذّر من فيروسات بالغة الخطورة تستهدف الشركات والمؤسسات الكبرى، أبرزها فيروس الفدية «رانسوموير» الذي استُخدم في اختراق مؤسسات ضخمة، من بينها سلسلة فنادق في إحدى الدول الكبرى، ويعتمد على اختراق نظام المؤسسة المستهدفة والسيطرة عليه كلياً، وتهديدها بتدمير البيانات إذا لم تدفع فدية هائلة.
وأشار إلى أن شرطة دبي تعاملت مع جريمة مماثلة حين تلقّت شكوى من إحدى الشركات في دبي، تُفيد باختراق نظامها الإلكتروني، من قبل قراصنة محترفين استطاعوا السيطرة على خوادم الشركة، والتحكم في أنظمة حفظ الملفات، وقواعد البيانات ونقاط البيع الخاصة والمتاجر.
وأوضح أن هؤلاء القراصنة استطاعوا شلّ عمليات الشركة، وهدّدوا بتدمير البيانات والملفات كافة، إذا لم تدفع فدية قدرها 10 ملايين دولار في صورة عملات رقمية، لافتاً إلى أن عمليات الفحص والتحقيقات أثبتت أن الشركة لم تستخدم برامج حماية مضادة للفيروسات، وليست لديها نسخ احتياطية من الملفات في ذاكرة احتياطية مستقلة عن النظام الخاص بها، واتخذت شرطة دبي التدابير الكاملة لمكافحة الجريمة.
بدوره، قال مدير شرطة التحقيق في تشيلي، الجنرال سيرجيو مونوز، إن الجرائم السيبرانية ارتفعت بين عامي 2021 و2022 لتصل إلى 61%، وزاد اكتشاف مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت بنسبة 81%، كما ارتفعت عمليات الاحتيال السيبراني بنسبة 31%.
وأضاف أن شرطة التحقيقات التشيلية تعد مرجعاً رئيساً في مكافحة الجريمة المنظّمة، والجرائم المعقّدة العابرة للحدود الوطنية في أميركا اللاتينية، كما تميزت في مواكبة التغيرات في مجال الجريمة، بما فيها الجرائم الإلكترونية، مؤكداً أن مكافحة جرائم الأمن السيبراني، تتطلب التعاون الدولي الوثيق، والتبادل العلمي والمعلوماتي والتكنولوجي.
إلى ذلك تناولت الجلسة دور «خدمة الأمين» في مكافحة الجرائم الإلكترونية، سواء من خلال التوعية أو مساعدة الضحايا وتلقي البلاغات ذات الصلة كالابتزاز الإلكتروني والاحتيال والتهديد، وانتحال صفة شخصيات أخرى، وغيرها، ومعالجتها والتعامل معها بسرية وخصوصية تامة.
وشددت الجلسة على ضرورة تحديث البرامج المضادة للفيروسات، ومعالجة الثغرات الأمنية، وعدم مشاركة المعلومات الخاصة أو الحساسة على منصات التواصل الاجتماعي، وعدم التواصل مع أشخاص غير موثوق بهم أو مجهولين تجنّباً للوقوع ضحية للابتزاز، والحذر من فتح روابط مجهولة أو غير موثوقة المصدر والواردة عبر البريد الإلكتروني، سواء الشخصي أو العملي، وكذلك فحص الروابط والمرفقات بعناية قبل النقر عليها، والتأكد من مصداقية المرسل قبل اتخاذ أي إجراءات، وتنشيط مميزات الحماية الإضافية، مثل المصادقة الثنائية لتعزيز أمان حساباتك الشخصية على الإنترنت.